عن الاصطفاف الوطني
أسامة غالب
أسامة غالب

تباينت ردود الأفعال حول دعوة رئيس الجمهورية للاصطفاف الوطني في خطابه بمناسبة الذكرى الـ47 لثورة سبتمبر. ثمة من اعتبرها دعوة صادقة من رجل صادق وتنم عن حس عالٍ في المسؤولية وإدراكٍ كامل لحجم المخاطر المحيطة وعلى المعارضة التقاطها وعدم تفويت الفرصة، وآخرون اعتبروها دعوة متأخرة لا تسمن ولا تغني من جوع، والأولى تجاهلها لأنها لا ترقى إلى المستوى المطلوب للتعاطي معها بجدية وهم محقون فيما ذهبوا إلية برأيي لاعتبارات شتى.

ليس من المنطق أن يمسك الحزب الحاكم بكل مقدرات ومكونات الدولة ويديرها بالمزاج ويعيث فيها الفساد، وعندما تشتد عليه الأزمة يطلب النصرة والنجدة. في السلم ينادي الحاكم معارضيه ومناوئيه بأبناء الزبيبة ويصفهم بالعملاء والخونة والمرتزقة والحاقدين والظلاميين وهلم جرا.. شتائم يزخر بها قاموسهم، وعند اصطدام الخيل ينعتهم بأبناء الأطايب، والغرابة كيف يرضى الحاكم لنفسه أن يصطف مع الخونة والعملاء حد تعبيره؟!

لو أن الحرب الدائرة في صعدة اليوم بين الحوثيين وأحد أطراف المعارضة لكانت الآن رئاسة الجمهورية غرفة عمليات لجماعة الحوثي وسيتم تزويدهم بكل السلاح والعتاد من مخازن الجيش والأمن. ولو اصطفت المعارضة مع الحاكم اليوم لخرج الشيخ سلطان البركاني ثاني أيام إعلان الحسم العسكري باتهام المعارضة بأنها سرقت المساعدات الخاصة بالنازحين وأنها ما دخلت الحرب إلا نتيجة ضغوط منتسبيها ولعلمها أن ساعة الصفر قد اقتربت وطمعاً ورغباً ورهباً في مناصب سياسية.

المشترك لا يتعامل مع الحاكم بالمثل، وإلا لقاتل في صفوف الحوثيين نكاية بالنظام ومحاولة لإسقاطه. والاتزان الذي بدا في موقف المشترك درجة متقدمة في الوطنية والمسؤولية، خصوصاً في ظل الغموض والشكوك التي تكتنف سير المعارك منذ بدايتها 2004م. والذين يعيبون على حزب الإصلاح تحديداً مسايرة بقية أحزاب المشترك في موقفهم الضبابي كما يصفونه، عليهم أولاً أن يسألوا حزب الإصلاح ما إذا كان بحاجة إلى كرت جديد لإجراء المكالمات أم أن وحدات الكرت السابق لا تزال كافية!

 

الحزب الحاكم استحوذ على كل شيء وتدخل في الصغيرة والكبيرة حتى في توزيع جدول حصص المدارس، حيث يكون نصيب المدرس المحسوب على المعارضة 24 حصة في الأسبوع مقابل 18 حصة للموالين، ولذا عليه أن يتحمل المسؤولية الكاملة أو إعلان العجز وتسليم السلطة لأهلها، وعلى من يتعللون لنا بالمصلحة الوطنية العودة قليلا إلى الوراء ويقولون لنا أين كانت المصلحة الوطنية عندما اتهم رئيس الجمهورية مرافق المهندس فيصل بن شملان بالإرهاب عشية الانتخابات الرئاسية الماضية، وأين هي المصلحة الوطنية في اتهام الصحافة المؤتمرية أسبوعاً الإصلاحيين بالإرهابيين وتنظيم القاعدة، وفي التلاعب بالورقة الأمنية والدينية، وحتى في بيع الغاز المسال، أم أن المصلحة الوطنية لا تحضر إلا عندما تمس أصابع المؤتمر النار وهو الذي لم يراع في المصلحة الوطنية إلاَّ ولا ذمة!

 

البلد أمام مفترق طرق، وبرأيي فأن الحل الوحيد هو رئيس جديد يحظى بإجماع شعبي وبموافقة كل القوى السياسية لينتشل البلد من براثن السقوط المحقق. للأسف استطاعت لوبيات إمامية وانفصالية وإفسادية أن تخرج الرئيس علي عبدالله صالح من دائرة الإجماع التي كان يتحلى بها عند خصومه قبل حلفائه، وأصبح الرئيس حاليا لا يحظى بإجماع داخل حزبه المؤتمر الشعبي العام، وقيادات مؤتمريه عبرت في الآونة الأخيرة عن سخطها من أداء القصر. وحتى في منطقة سنحان (مسقط رأسه) ظهرت بيوت عريقة تعارضه. وفي قبيلة حاشد التي ينتمي لها الرئيس، كثيرون أعلنوا عن معارضتهم لنظامه، وقس ذلك على مختلف الشرائح.

فبدون رئيس جديد سنظل ندور في حلقة مفرغة وهنا الكارثة.

 
في الأربعاء 14 أكتوبر-تشرين الأول 2009 05:47:44 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=5904