علي سالم البيض و الثرثرة العمياء
محمد جواد عبد الصمد أحمد
محمد جواد عبد الصمد أحمد

نشط الحراك الجنوبي بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة في ظل أوضاع سياسية وإقتصادية متدهورة يعيشها اليمن تزيد من الطين بلة وتضيف إلى المواطن اليمني حملاً جديدا ً من المعاناة و المرارة، وهذا الحراك الذي مالبث حتى أصبح حلماً يراود الكثيرين من أبناء الجنوب يتوقون إلى تحقيقة مهما كلف الثمن مستمدين آمالهم من قادة الحراك وزعماءه في داخل اليمن وخارجه، وفي ذات الوقت كابوسا مؤرقا لأبناء الشمال يتوقون إلى طي صفحاته ومحي جذوره، لكن متى مافكرنا قليلاً في هذه الحرك وتأملنا بعمق في أهدافها لوجدنا أنها لا تخدم إلا أولئك الأوغاد الذين أتخذوا من أوروبا مراكز إعلامية تبث تفاهاتهم وأحلامهم الرخيصة وأذنابهم المرتزقة داخل الوطن..

إذ أنهم تنبهوا أن الفرصة أصبحت سانحة لتقسيم الكعكة التي فرطوا بها و تركوها خلفهم ولاذوا بالفرار في العام 1994م.واليوم نشاهد قناة عدن على النايل سات وهي تبث سمومها بصورة لم تشهد لها الوقاحة مثيلاً واصفين علي سالم البيض بالرئيس والبطل. ماهي سمات البطولة التي يتكلمون عنها؟! إلا إذا كانت البطولة- في نظرهم طبعاً!- أن يستخف البطل بعقول الناس ويستغل ضعفهم وحاجتهم لتحقيق أغراضه وتصفية حساباته الخاصة، أو أن يفر هارباً بعد إنتهاء المعركة خاسراً محملاً بخزائن الدولة وأموالها ومصفّرًا أرصدتها تاركاً خلفه شعبه ورعيته و سالبا منهم حتى أحلامهم بالأمن و الإستقرار.أما علي سالم البيض فيقول: "أنني لا أريد السلطة أوالحكم..

أنا أريد فقط فك الإرتباط وإخراج جنوب اليمن من الورطة التي أدخلته فيها" وهنا قراءة أخرى للأحداث تدخلنا بلا مقدمات نفق الندم المظلم الذي لا مكان له في قاموس القادة والأبطال، فهنا يعترف سالم البيض بوضوح تام أنه السبب في تلك الوحدة التي لم تأتي ثمارها.. فلماذا إذاً وقّع على إتفاقية الوحدة اليمنية في العام 1990م مع وجود كل المعطيات المؤكدة على فشلها؟ وإذا وضع إحتمالية ولو ضئيلة للفشل .. ألم يفكر بعواقب هذا الفشل على شعبة من أبناء الجنوب (إذا كان يفكر في مصالحهم كما يزعم)؟ويقول علي سالم البيض في أحد خطاباته الرنانة أنه يحترم أبناء الشمال وأنهم مظلومون! ولكن هذا يختلف تماماً مع مايقوم به بعض أتباعه المرتزقة أثناء المظاهرات السلمية - التي غالبا ما تنتهي بعشرات القتلى والجرحى- من حرق للإطارات وقطع للطريق الرئيس بين صنعاء وعدن ورشق الشرطة بالحجارة وإطلاق الرصاص عليهم ونهب بعض المحلات التجارية المملوكة لأبناء الشمال وتدمير للممتلكات العامة وما يسبب من هلع وتخويف للأهالي من أبناء الشمال والجنوب على حد السواء.

وإذا تناسينا كل هذا لنا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: ماذا حقق علي سالم البيض لجنوب اليمن قبل الوحدة أصلاً؟ ولماذا أختار هذا التوقيت بالذات؟وفي قراءة سريعة لما بين السطور يتبيّن بأن التوقيع على الوحدة اليمنية في الماضي والمطالبة بفك الإرتباط الآن و بعد سنوات من ترسيخها تبدي حقيقة واضحة جلية مفادها أن الأخ المناضل علي سالم البيض بدأ بتصفية حساباته الخاصة وتقديم مصالحة الشخصية على مصالح أبناء اليمن كافة والجنوبيين خاصة.

ولا أظن أن أبناء الجنوب تخفى عليهم مثل هذه الحقائق الجلية للعيان، فما بال بعضهم من يطالب برجوع علي سالم البيض رئيساً للجنوب رافعين صورة في بعض تظاهراتهم المنددة بالوحدة،فلابد لنا بأن نفرّق بين مطالبة الحراك الجنوبي بالإنفصال والمطالبة برجوع سالم البيض، فالأخيرة تعد كارثة بكل ما للكلمة من معنى لن يغفرها لنا التأريخ ولو بعد حين ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.وإذا كان الحراك يطالب بالعدالة والمساوة فلا أظن أن هناك يمني جنوبي كان أم شمالي لا يطالب بهما كونهما تعدان الركيزتان الأساسيتان لنهوض اليمن من جديد وأمنه وإستقراره، ويكفينا ما آلت إليه أوضاع في اليمن شماله وجنوبه من فقر وجوع وتدهور، وعلينا أن نفكر بشكل موضوعي ومنطقي للخروج من هذه المعركة التي كتب على الشعب اليمني أن يخوضها مجبراً لا مخيراً فقط لأن زعماءهم أرادو تحقيق مطامعهم وتصفية حساباتهم متجاهلين أن الله سيسألهم عن تلك الأمانة التي حملوها في أعناقهم ويحاسبهم عن المسؤولية التي أوكلت إليهم وضيعوها!وما يذهل العاقل أن عدد كبير من أبناء الجنوب أنخرطوا تحت مظلة الإنفصال دون تفكير أو وعي بأخطار هذه الحركة واخذوا على عاتقهم نشر أفكارها الهدامة ورسم أبعادها البغيضة وغرسها في أبناء اليمن الجنوبي والتي لا تتفق بتاتا مع تطلعات المواطن اليمني نحو تحقيق بلد آمن راسخ القواعد ينعم أهله صغيرهم وكبيرهم في شماله وجنوبه بالأمن والإستقرار والرحمة والتآلف وأتذكر هنا المثل القائل :" لو لبس الذئب ثوباً من الصوف لتبعته الخراف" فلايفهم من مقالي أني أنتقد أبناء الجنوب لمطالبتهم بحقوقهم لا والله فأنا واحد منهم ..لكني أنتقد بعض هتافاتهم لعلي سالم البيض الغير مبنية على عقل راجح أومنطق سليم.


في الأحد 07 فبراير-شباط 2010 03:52:49 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=6474