ربنا إنّا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا
محمد راوح الشيباني
محمد راوح الشيباني

إذا رأيتم فـيـني اعـوجاجا فـقـوموني بحـد سيـوفـكم . الخليفة الراشد( أبو بكر الصديق ) لا خـيـر فـيـكم إذا لم تـقـولوها لنا ولا خـيـر فينا إذا لم نسمعـهـا منـكـم. الفاروق ( عمر بن الخطاب ) لا خير في رعية تساق كما تساق الإبل ولا في ولاة يرون الحق فيـتـبعون سواه . الإمام ( علي بن أبي طالب)

ليس بمقدور المرء أن يختار والديه أو وطنه الذي خلق فيه.. والأوطان ( جغرافياً ) ليس لها أي علاقة بتقدم الإنسان أو تخلفه .. فتلك إرادة يصنعها هو بذاته ثم تضافر إمكانات ذاتية وموضوعية .. ونحن في هذا الوطن لم يبخل علينا المولى عز وجل بالموقع ولا بالثروات سواء في باطن الأرض أو من فوقها من تنوع المناخ وتعدد مواسم الأمطار قياسا مع إخواننا في الصحاري .. ولكن مصيبتنا الأساسية في حكوماتنا المتعاقبة الذين أوتمنوا على حاضرنا ومستقبلنا ، فلم يكونوا عند مستوى الأمانة ولا المسئولية تأهيلا وسلوكاً وأخلاقا إلا ما رحم ربي وقليلا ما هم ..

والشعوب بذاتها ليست مبدعة بفطرتها ولا بجنسيتها أو دياناتها ولكن بذكاء وحنكة من يقودها ويوجهها ويؤهلها ويشعل جذوتها للعمل والإنتاج ويدير مواردها بكفاءة ونزاهة وإخلاص ليصنع منها شعبا عظيما مهابا بين الأمم أو يجعلها شعبا كسولا بليدا يعيش عالة على وطنه يأكل من صدقات الآخرين وفضلاتهم .. فـ( ماليزيا ) لم تكن شيئا مذكورا قبل ( مهاتير محمد ) صانع المعجزة الماليزية .. و( سنغافورة ) لم تكن كذلك قبل ( لي كوان يو ) أول رئيس وزراء لسنغافورة وصانع المعجزة فيها الذي جعلها أنشط ميناء بحري في العالم ، وثالث أكبر موقع لتكرير النفط ، ومركز عالمي رئيس للصناعات التحويلية والخدمات في آسيا كلها .. وهناك ( اردجان تركيا ) و( قابوس عـُمان ) و( دبي محمد بن راشد ) وما كانت ( دبي ) لـتـكون على هذه الحال لولا الخيانة والتفريط بميناء ( عدن ) لصالح ميناء ( دبي ) التي صنعت على أنقاض ( بندر عدن ) رغم بعدها الجغرافي عن خط الملاحة الدولي وخطورة الملاحة في مضيق (هرمز) ، فأحرموا شبابنا عشرات ألاف الفرص المباشرة وغير المباشرة من العمل ومثلها من الوظائف المسـتـفـيدة من خدمات الميناء ناهيك عن الحركة التجارية المهولة التي كانت ستـنشأ في ( عدن ) وضواحيها من تشغيل الميناء ، كما هو حاصل اليوم في ( دبي ) تماما وهي التي كانت مجرد شاطئ يبابا صفصفا .. لكن القدر الإلهي قد اقـتـصّ من بعض الذين خانوا الأمانة وذبحوا الدجاجة التي تبيض ذهباً لليمن الموحد.. ألا شـُـلـّت أيـديـهم فردا فردا .. لذلك أكرر أن الشعوب التي صعدت من تحت الرماد كانت بفضل قيادات وطنية آمنت بوطنها وشعوبها بعد الله ، فاستطاعت تفجير الطاقات المكبوتة الكامنة في داخلها وحولتها إلى قدرات خلاقة مبدعة ومنتجة عكست نفسها خيرا ورخاء على الإنسان والوطن ..

ومثلها الشعوب المتخلفة سببها في الأساس حكومات غير مؤمنة بربها ووطنها مرتهنة ومسلوبة الإرادة والقرار وقيادات عاجزة متبلدة الـفـكر والتفكير ، ومسئولون غير أسويا العقل أو أتقياء الروح ولا شرفاء الانتماء والضمير ، والناس على دين ملوكها إن صلحوا صلحت بهم الأمة والعكس .. لكن معظم مسئولينا خليط من صغار النفوس وموتى الإرادة والطموح وعديمي الإحساس بما يعاني منه شعبهم ووطنهم .. جاؤا إلى الوظائف على حين غفلة من الشعب والتاريخ بدون كفاءة وبدون أدنى اهتمام أو مجرد نية للتعلم والتأثر بالآخرين .. كل مؤهلاتهم الولاء الأعمى لعصبة ( الحصان ) الكسيح عن القيام بأي شيء يفيد الوطن سوى نهب الخزينة العامة والاستعداد لتنفيذ ما يطلبه الأسياد دون نقاش ولو كان على حساب الدين والعرض والأرض والقيم والشعب والوطن .. فالذين ألفوا الانحناء والخنوع لغير الله لا نتوقع منهم أن يرفعوا رؤوس الشعب وسمعة الوطن في أي موقف .. وفاقد الشيء لا يعطيه.. والمضحك المبكي معاً أن تجد الحكومات في العالم هي المشغولة بشعوبها والتفكير بحاضرهم ومستقبلهم .. لكن في بلادنا الشعب هو المشغول بحكومته المتربصة به الدوائر في كل لحظة ( عليها دائرة السوء ) فهذا الشعب في حالة دفاع دائم عن نفسه من حكومات الحصان المتلاحقة التي تسهر الليالي لتجهز عليه وتضحي به من اجل طغمة من أصحاب المصالح غير النظيفة من فاقدي الإحساس والشرف والضمير والانتماء للوطن والشعب.. هذه حكومة المصالح الشخصية والمتاجرة بالوطن .. جميع قراراتها لمصلحة مراكز القوى على حساب مصالح شعب بأكمله .. ترفع أسعار المحروقات بحجة مكافحة التهريب وهي تمارس التهريب عبر وزارتها الرسمية .. فكيف نفهم أن يكون نصيب أربع محافظات من الديزل ( عدن ولحج وأبين والضالع ) هو ( 6 مليون لتر ) بينما نصيب مديرية ( المخاء ) وحدها ( 5 مليون وستمائة ألف لتر) لتهريبه إلى القرن الإفريقي .. وتهريب الديزل لا يتم عبر رسائل الموبايل فـيصعب رصده ولكن عبر ميناء المخاء وذباب والمندب والخوخة وحتى ( عدن ) بموافقة حكومة راضية مسترضية في عز النهار وحماية عسكرية ..

ثم ما ذنب شعب بأكمله يدفع استهلاك الكهربا عن الزمرة المرفهين بالمجان على حساب كل الشعب عندما تقوم برفع تعريفة الكهرباء دون تمييز بين أناس يصطلون وتشوى أجسامهم وتخلس جلودهم من الحر في ( الحديدة وعدن ولحج وأبين ) وبين عُصبة مترفة يستهلك كل فرد منها عشرات آلاف الكيلوات من الكهرباء شهريا لتدفئة مياه المسابح وحمامات البخار والجاكوزي والساونا مجانا في فيلاتهم .. وقد بلغت مديونية وزارة الكهرباء عند هؤلاء الرهط من أصحاب الكروش والوزراء والمشايخ والمطبلين وبعض القيادات العسكرية الكبيرة أكثر من ( مائة وعشرين مليار ) ريال والمبلغ في ارتفاع مخيف .. ثم ما ذنبنا نسدد ثمن مكالماتهم وأسرهم وأطفالهم وخليلاتهم إلى العالم وتوزع علينا بالنسبة والتناسب .. وما ذنبنا نتحمل جرائمكم بالجـُـرَع المتتالية ودفع فوائد أرباح قروض لم يكن لنا يد فيها ولا موجودة آثارها وتـتحملها ( أغلبية ) الحصان في مجلس النواب اسما اسما ، فهم الذين صادقوا عليها وأقروها رغم علمهم بعدم جدواها سلفا اللهم الكيد الحزبي الرخيص بشركائهم في الوطن .. على حكومة الحصان أن تعيد النظر في حماقاتها مع هذا الشعب فيما بقي من عمرها ، إذا بقي لديها شيء من ماء الوجه قبل أن تأتي اللحظة التاريخية وهي آتية لا ريب فيها بإذن الله وسترغمهم على ذلك وهم صاغرون .. ويومها سيكون للشعب معهم حساب آخر عن كل النكبات والفضائح التي أذاقوها هذا الوطن خلال فترة قهرهم هذا الشعب وتمريغ سمعة الوطن بالوحل في مؤتمرات الذل والنخاسة والعار في ( لندن ونيويورك وأبو ظبي ) باسم أصدقاء اليمن ( تأدبا ) عن قول الحقيقة المرة ( أوصياء اليمن ) حتى أصبح البعض يـتـنـدر بنا ويردد (( من كان عليه نذر أو كفارة يمين أو عتق رقبة أو صدقة فـلـيرسله اليمن !! )) ..

وحاشا لله أن كانت أو ستكون أمريكا أو بريطانيا في أي يوم من الأيام صديقة لأحد من العرب والمسلمين غير إسرائيل .. والكفر ملة واحدة ولكن المنافقين لا يفـقـهـون .. وهذا الشعب يتحمل قسطا كبيرا من كل الذي يعانيه ويتجرعه من قبل حكومة ( الحصان ) الأعرج فهو مشارك ومتواطئ على نفسه بالسكوت عن كل ما لحق به من ضيم وعذاب ، والساكت عن الحق شيطان أخرس .. فماذا بقي لحكومة الحصان لـتـتـباهى به أمام نفسها .. فقد ألقت بالعملة الوطنية الحضيض وحولتها إلى أشبه ما تكون بالمحارم الصحية ، وكرّهت الناس بوحدتهم وجمهوريتهم وثورتيهم ، وأهانت هيبة الجيش ومكانته ومرغت الشرف العسكري وكسرت شوكته وجرأت الأطفال عليه في صعده والجوف وسفيان والملاحيظ وهو الذي حسم المعركة الأولى مع الحوثيين في 2004 م باقتدار وكان قادراً على الحسم في كل الجولات التالية لولا تفريط الحكومة بالنصر وبـتـلـك الدماء الزكية التي سفكت والأرواح الطاهرة التي أزهقت من القادة والضباط والجنود الأبطال ، واليوم تأتي ( الوساطة القطرية ) لتعيد لنا أجهزة الدولة إلى محافظة صعدة !! ونخشى أن يأتي علينا اليوم الذي نحتاج فيه إلى القطريين لإعادة ( الجمهوريين ) إلى صنعاء ..

إن حكومات الحصان هي من باعت ثروة الوطن بيع اللصوص والغزاة ، وبددت إيرادات النفط في فترة ارتفاعه الذهبية على حفلات الزار الباذخة بالإنفاق السفيه في المكلا والحديدة وإب وتعز ، باسم الاحتفال بالأعياد الوطنية بينما كل مشافي ومدارس الوطن بلا استثناء خاوية على عروشها من الأثاث والمستـلزمات الضرورية.. ونتيجة لضيق العيش وانسداده توقفت التنمية لصالح الحروب وشراء الذمم الواسعة المتغيرة حسب الطلب ، وصار أبنائنا يـُحـرّقـون في مقالب القمامة خلف الحدود ، وآخرون مختطفون في ( اريتريا ) وبعضهم يساقون كالأغنام عبر مطار صنعاء إلى القاهرة لـتـشـلـيـحـهـم قطع غيار آدمية لمن يدفع ( بيع الكلى) .. أما ما يسمى بالأحزاب السياسية بدون استثناء من الذين أخربوا البلاد باسم الديمقراطية وأفسدوا السلام الاجتماعي في النفوس الذي كان سائدا قبل هذه الحزبية البليدة التي لا يفقهون منها شيء ولن يفقهوا بهذه الطريقة البدائية القبـلية العبثية فان خير ما يعزينا فيهم هو قول رب العزة والجلال في سورة الأحزاب مبينا أحوال من كانوا يلهثون خلف كل ناعق دون فهم وعلم .. (( ربنا إنا اطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا .. ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ..)) آخر السطور :

ما تعرض له الدكتور القدير/ سلطان الصريمي من قرصنة الكترونية على منزله الشديد التواضع يعد سقوطا أخلاقيا مروعا وعاراً كبير على من قاموا به ، وكان يفترض بهم توجيه قدراتهم الالكترونية للكشف عن ما تحيكه عصابات التمرد للوطن وليس لرجل من أشرف الرجال في الوطن ، كل سلاحه قصيدة تنشر ومقالا يكتب ولا تحتاج إلى أجهزة تصنت ومتابعة ، وللدكتور الرائع نقول:

( سلطان ) لا تـفجـعـك خـساسة الحنـشان

سلطان.. زادوا علينا خبرة الشيطان

باعوا الكرامة وباعوا هيبة الشجعان

صاغوا بدم الضحايا بـيعة الرضوان

ورخصوا بالنذالة قيمة الإنسان

ضعنا وصرنا بضاعة والوطن دكان

بعنا الرجالة وصار البيع بالمجان

سلطان.. بالموت صغـنا جوهر التيجان

ثرنا.. وبالبذل أسسنا لنا الحرمان

صلنا, وجلنا, وعطرنا ثرى الأوطان

بالدم.. والعلم.. والإقدام والإتقان

وبالشجاعة كسرنا هامة الطغيان

وبالجماجم فرشنا ساحة الميدان

وبالأيادي حملنا السيف والأكفان

***

سلطان.. نحنا بنينا المجد للعميان

وإحنا خلطنا اللبن والسم في فنجان

وبالأماني صنعنا السجن والسجان

وبالحضارة تسترنا على البهتان

وبالمحبة رقينا لدغة الثعبان

........ سلطان ما عاد درينا من هو الغلطان القصيدة لشاعر لا أعرفه .


في الخميس 28 أكتوبر-تشرين الأول 2010 04:02:48 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=8189