الضمير المتصل, والمنفصل, والمستتر
علي غانم السعيد
علي غانم السعيد

.. دروس في اللغة السياسية (اللغة العربية بالمفهوم السياسي)

 دُروس اللغة العربية أتقنها المسئولون في الحكومات العربية عامه, وفي الحكومة اليمنية بوجه الخصوص.

لكن بصوره مختلفة ومغايره تماما للواقع اللغوي والقواعد النحوية , فاستطاعوا أن يخترعوا على ضوء هذه الأفعال شي يعكسها ويهُدوا قواعدها ليتم بنائها من جديد . بل تم تجريدها وتصفيتها بالكامل وقتل أنفاسها .

 كثير هي الضمائر وكثير وجه الشبه, وكثير من يعيشون ويطبقون هذه الأفعال التي تحولت بالأخير إلى دروس وتعليمات, يعمل بها المسئول حسب مبتغى إدارته كي يضمن البقاء, كما كثر فيها الناصب والمنصوب عليه, والطبع المكتسب غلب التطبع في مجمل الأمور. نتعرف على الجوانب المعمولة بها في القطاع الحكومي.

بل أصبحت هذه الصفات مطلب حقيقي وشرط من شروط التوظيف الحكومي.

 الضمير المتصل :

 التعريف: هو الضمير المتصل بالكامل مع كل حواس المسئول الأخرى , يعمل على مضايقة ومحاسبة المسئول عند قدومه على الغلط او الظلم , هذا النوع من الضمائر لا يوجد ابدا في البلد وان وجد فعلم انه مهدد بالانقراض ولا يدوم طويلا

الأمثلة :

- أنا أحب الوطن

- أنا أتشرف بخدمة المواطن

- أنا لا أحب الاختلاس

- أنا ارفض الرشوة

- أنا اكره المجاملات

 كان ذات يوم هناك ضمير داخلي للمسئول اليمني متصلا اتصال كامل مع ذاته ومرتبط كل الارتباط مع كامل حواسه. يعمل على تأنيبه حين يفكر مجرد تفكير بالقدوم على شي يغضب المواطن وكان يحس بأن المواطن هو مصدر بقائه في المنصب. كان يجن جنون الحاسة الخفية عندما يبادل المسئول ذهنه أو أي حاسة أخرى بالقدوم على شيء ماء .

كان هو الفيصل , كان هو الحكم , كان هو مصدر التوجيه , ومصدر المحاسبة .

يفكر المسئول كيف الخلاص من هذا الشعور الداخل وما هي الوسائل المقنعة للخلاص من هذا الإحساس المزعج

بداء يفكر , ويفكر ما هي الأداة القاتلة لهذا الكابوس الغريب . كي يعيش كسائر المسئولون ينعمون بالرخاء والنعم الشاملة . كا لفلل والأراضي والسيارات الفارهه , والقوه العارمة التي يستطيع ان يتسلط بها على المستضعفين

اجتمع مع كامل حواسه لمعرفة هذا الإحساس وكيفية اغتياله , بالفعل تم إجهاض تلك الكائن الخفي ليسقط مبكرا قبل فوات الأوان . فتم دفنه تماماً

ليواصل بقية مشواره العملي منزوع الضمير أُسوةُ بزملائه . 

الضمير المنفصل :

التعريف :هو الضمير المتغير الذي انقلب على شكل مسئول أخر أو انفصل تماما عن بقية الحواس يظهر أحيانا لكن بعد ان تغيرت صفاته فأصبح ضمير نصب

الأمثلة :

- أنا ارفض الرشوة في مقر عملي

- أنا أحب الوطن من خارج , والمصلحة من داخل

- أنا أحب أن تكون المراجعة في المنزل بدل المكتب

ربما يختلف تماما عن سابقه المتصل , فهذا قد انفصل عن ذات المسئول ليكَوِن شخصين بشخص واحد (شامبو وبلسم ) .

 يظهر لنا بمظهر المسئول المثالي لغرض عرقلة المعاملات ليتم مراجعته عن طريق سكرتيره النظيف الذي يوهمنا بأنه سيقوم على إرضاء المدير بطريقته الخاصة .

إلا وهي : الانتظار عند بوابة الدخول الرئيسية ليتم الاتفاق خارج الدائرة الحكومية , او اخذ موعد خاص للوصول إلى منزل المدير ليتم إحراجه عن طريق القبيلة بمبلغ من المال مقابل خلاص المعاملة وانجازها السريع . بعد ان أكد لنا من استحالتها وإنها مخالفه للقانون والدستور والشريعة الإسلامية.

لان التفاهم بمكتبه الرئيسي قد يصغر إمام الآخرين والمراجعين وأصحاب المعاملات البسيطة ، فهو يعرف فريسته تماما وأعذاره جاهزة , وحججه لا مثيل لها ولا تفسير فيظهر بمظهر المسئول العامل وفق الأنظمة والقوانين , وانه يملك من الاتزان ورجاحة العقل والتفكير ما يؤهله لان يكون حاكما للصين .

فسُرعان ما يتغير كل هذا الروتين وتنكشف أوراقه جراء تمثيل حقير ينتهي با لموافقة بالإحراج مقابل حق التخزينه لكن بصوره مغايره تماما عن واقعه المُزيف بمقر عمله

فهذا يعمل بوجهين وضميره انفصل تماما عن ذاته وكامل حواسه ليكون مقر الضمير في المكتب ومقر شخصيته الفعلية بالمنزل .

الضمير المستتر :

هو الضمير الغائب , الضمير الميت , الضمير المخلوع , الضمير الهارب , الضمير المُجَرد , الضمير المٌبعد ,لا يعمل داخل نطاق الإنسان , وليس له مكان في الإعراب 0

 الأمثلة :

 - أنا لا امشي الا بحق التخزينه

- أنا لا اعرف صاحب , غير المصلحة

- أنا اعمل لكن بمقابل

- أنا لا أحب الوطن قبل مصلحتي

- أنا اعشق المجاملة إذا كان فيها زلط

هذا النوع هو البطاقة الصالحة للاستخدام وهو الكرت السائد والمعول به في بلادنا , حاز على الأغلبية من بين الضمائر الأخرى . وحصل على الترتيب الأول وتربع على عرش قلوب غالبية المسئولين

 فقد استتر تماما واختفى للأبد , قد مات , قد استشهد , قد حبسوه , اغتالوه , بالمنفى , بالغرفة , بالمقهى .. !

 لا نعلم إلى أين ذهب تضاربت الأنباء عن اختفائه بحث عنه الكثير , لكن دون جدوى لا يعرف إلى أين ذهب إلا صاحبه , لأنه هو من أخفاه وهو من حاول إبعاده تماما ودفنه.

يعمل صاحب الضمير المستتر , دون رقيب ودون محاسب ولا مرجع يؤنبه , يصول ويجول ويغير ويحاسب كيف ما يريد وكيف ما يشاء ,

فهناك أُسس للعمل بهذا المبدأ , وهذا ما يؤهله للعيش بأمان وحرية ’ لان المصدر أساسه هذا النوع ويحب التعامل والتعاقد مع هذا النوع . لأنه يعتبر حصل على اكبر شهادة بحجب ضميره ليعمل بكل قوه وجرئه وبطش . واستجابة كاملة لمن يديره

فهنيئا لك يا شعب ربت وترعرعت فيك كل هذه الضمائر . وتغيرت فيك كل القواعد وانتهت كل القيم

aaa2250@hotmail.com

 
في الأربعاء 19 يناير-كانون الثاني 2011 03:59:10 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=8820