عندما يتهاوى الطُغاة
نائف مناع
نائف مناع

اعترت الشارع العربي والعالمي فرحة كبيرة عندما تم تنحية طاغية من الطُغاة العرب عن كرسي الحكم الذي جلس فيه طيلة ثلاثون عاماً يظن بل مُوقناً – يشاركه جميع الزعماء العرب ذلك الإعتقاد واليقين - فيها بأنه مُصلحاً كونياً ويسوعاً مُرسلاً أصطفاه الله جلّ في عُلاهـ لذلك الشعب الذي كفر بذلك اليسوع الأفّاك ...

طيلة فترة التظاهرات والمسيرات والإحتجاجات وجميع الزعماء العرب يلعنون محمد البوعزيزي سراً وعلانية كونه الشرارة والشمعة الأولى ، فقد كان شرارة لإشعال فتيل حرباً شعبية بها تهاوت تلك الرموز التي لازال البعض من المنافقين يُعظِّمها ويُقدِّسها ، وكان شمعة أنارت وأضاءت دروباً للشباب العربي الأبي الذي سخط ولازال ساخطاً على آباءهم كونهم صبروا وتحمَّلوا طيلة تلك السنين العجاف ذلك الظلم والفقر الذي طالهم بسبب حُكم أولئك الطُغاة ...

رحم الله أبو القاسم الشابي الذي نطق بكلمات بدأها شعبه التونسي الذي أستجاب له القدر والبشر والحجر لأن الحياة تستحق ذلك فأنكسر القيد وتبدّد الليل وتلاشى عن فجر جديد سُرعان ماغمر ذلك الفجر بعض البلاد العربية ولكن البعض لازال الليل فيها بسبب كذب وسحر وشعوذة أولئك الزعماء الذين لازالوا يُمارسون سحر وشعوذة الكلمات الرنّانة والخطابات التي تحتوي فيها من التخدير والإغماء لشعوبها التي ستفيق يوماً من خدرها وإغماءتها لتبدأ حياة جديدة بعد رحيل طاغية نهب وسلب ثروات ليتربع بها على كرسي إمبراطورية الثروة ليحوز لقب أغنى رجل في العالم ...

فعجّت بقلبي دماءُ الشباب

وضجَّت بصدري رياحٌ أُخرَ

شكراً لك أيها الشّابي بكلماتك التي تحث الشباب على أن يكون التغيير على أيديهم مثلما حدث في تونس وفي مصر التي تبرأ أحد شبابها في ميدان التحرير من فخامة الرئيس كونه من نفس مدينته ( المنوفية ) وأصّر مثلما أصّر الشباب والشعب المصري على رحيل الطاغية الذي كان الأمل الوحيد لبقية الطُغاة العرب كي لايتوالى سقوطهم وإن طالت فترات مرواغتهم وأكاذيبهم للتشبث والبقاء أطول فترة بذلك الكرسي الذي يتألم ويئن طمعاً منه في التغيير لذلك الذي يجثم عليه...

لقد كان زين العابدين مثلاً سيئاً بالنسبة للزعماء والطُغاة ، وعندما حان دور طاغية مصر حاول وحاول كثيراً بمؤازرة ومناصرة الطُغاة العرب أن يكون زين العابدين حالة شاذة لايجوز تعميمها على جميع الطُغاة العرب ، ولكن مثلما قال أبو القاسم الشّابي :-

ورنّ نشيد الحياة المُقدّس في هيكلٍ حالمٍ قد سُحِر

وأُعِلن في الكون : أن الطموح لهيبُ الحياة وروحَ الظَفَر

إذا طمحتْ للحياة النفوسُ فلابد أن يستجيب القدر !!

فإن زين العابدين ليس حالة شاذة ، بل هو البداية نحو سقوط وتهاوي الطُغاة العرب ، فليرحلوا بما نهبوه وسلبوه من ثروات كانت كفيلة بأن يموتون ويقومون بتوريث كراسي العرش لأبناءهم حتى وإن كان النظام جمهوري ديموقراطي في حال أن تم مُحاربة الفقر بدلاً من مُحاربة إرهاباً مزعوماً وفي حال أن تم إحلال العدل بدلاً من الظُلم الذي كان رفيقاً لهم طيلة جلوسهم على كراسي الحُكم ...

جميع الطُغاة العرب وطيلة سنوات حُكمهم العجاف ورغم نظام الحكم الذي يحكمون البلاد في ظله نسوا أن هناك شعوباً سترفض نظام القبيلة الذي يمارسونه في أمور وشؤون حُكمهم ومثلما شيخ القبيلة يبقى شيخاً حتى يموت ويليه إبنه في حكم القبيلة فإنهم سيبقون حتى الممات ويأتي من بعده إبناً سيحكم ذلك الشعب وتلك القبيلة وليس ذلك الوطن ...

طاغية مصر أشادت به إسرائيل وأشاد به العالم الأوروبي والأمريكي كونه أفادهم كثيراً وخدمهم كثيراً ، وبعد رحيله بدقائق يقولون عنه بأن رحيله وسقوطه تحولاّ تاريخياً مع تلك الألقاب التي حازها وسيحوزها طُغاة عرب سيؤولون للسقوط عاجلاً أم آجلاً متى ما أستفاقت الشعوب ونفضت عنها غبار الظلم والقهر والفقر مُطالبة بالتغيير ...

بدأت بتونس ولازالت بمصر الذي أستبشر العالم برحيل طاغيته ولاندري من سيكون بعد مصر ؟ ، فالشعوب بشبابها متى ارادت فإنها سُتضيئ شمعة محمد البوعزيزي وتبدأ ثورتها ضد الطُغاة من ابناء وطنهم وليس مثلما كان سابقاً تقوم الثورات ضد المُستعمر الخارجي لأوطانهم الذي تُعدّ فضائله أكثر بكثير من فضائل الطاغية من أبناء وطنهم...

كل يوم والشعوب العربية في ثورات تصحيحية وتغييرية ، وكل يوم والطُغاة العرب وأنظمتهم ومن تقرّب إليهم بنسب وقول وعمل يسقطون في الهاوية التي أسقطوا فيها أوطانهم وشعوبهم ...


في الجمعة 11 فبراير-شباط 2011 09:46:41 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=9083