|
لطالما سمعنا الأغنية التي تتفنن الفضائية اليمنية بعرضها دائماً وعرض مونتاج مميز لها من بين كل الأغاني ، وهي أغنية (بشير الخير) فالفضلئية تعرضها ليل مساء لتمجيد صورة الحاكم (الصالح) ، وأنه هو بشير الخير للبلد ، فإذا ما رحل فإن مصيرنا إلى زوال ، فعندما نسمع (يا بو حَمَد دايم... على يدك يجي الخير..يا بشير الخير) ، فهل علي عبدالله صالح هو فعلاً بشير الخير ، وهل يأتي منه الخير ، وإذا كان هو بشير الخير فلماذا يعيش شعبه بين أوكار الشر من فقر وجوع ومرض وفي غياهيب البطالة والظلم والاستبداد .
وفي هذه المقالة سنحاول أن نستنتج : هل فعلاً علي صالح هو بشير الخير ، من خلال توجيه الأسئلة التي علقت في أذهاننا طويلاً ونحن لم نعرف لها جواب له شخصياً ، فإذا كان بشيراً للخير فسيسمعها ويعقل !.
فإذا كنت يا علي بشيراً للخير ، لماذا لم نجنِ من حكمك إلا التخلف ، وعلى مدى حكمك الطويل الذي يكاد يحطم الرقم القياسي في موسوعة (جينيس) لم نجد أي شيء يتقدم في هذا الوطن ، كل شيء يسير إلى الخلف ، باستثناء شيء واحد يتقدم بشكل سريع ، وهو التخلف ، فقط التخلف ، نحن نتقدم في كل تصنيفات التخلف ، فحسب كل الاحصاءات والتقارير الدولية المحايدة ، تتذيل اليمن القائمة في كل مفردات التنمية والحياة المستدامة ، أما في مؤشرات التخلف والأشياء السلبية نحن دائماً في الصدارة ، وتستاهل يا علي الذهب وكأس المركز الأول !.
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا تكالبت علينا الأيام السود منذ أن صعدت على كرسي الحكم ، ولماذا اختفت من قواميسنا كلمات هامة للحياة الطبيعية لأي فرد في الكون ، مثل (حرية ، كرامة ، مواطنة متساوية ، عدل ، عيش كريم ، تقدم ...الخ) ، ولم نرى إلا مفردات (جهل ، فقر ، مرض ، بطالة ، قمع ، استبداد ، نهب ، استنزاف....) ، فما تفسيرك لهذا يا ..... بشير الخير !.
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا يستجير بك الأشرار دائما ، ولماذا يلوذ الشر بحماك عندما يحاول عموم الشعب المسكين فضحه على ما فعل ، لماذا يستظل تحت مظلتك الأشرار ، ويلجأ إليك كل المفلسين من كل القيم والمبادئ والأخلاق والعادات والتقاليد ، ولماذا تجار الحروب وأصحاب الفساد المنظم دائما ما يهربون من أي سؤال بقولهم أن لديهم (توجيهات عليا) تجعلهم يدوسون القانون تحت النعال ، فهل أنت صاحب الكلمة الأولى في البلد وصاحب التوجيهات العليا التي تشجعهم على فسادهم يا بشير الخير ، أم أن هناك شخص لديه سلطة أكثر منك في هذا الوطن ولديه سلطة التوجيهات العليا التي لا تنبغي لأحد ؟!
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا تُلصق كل تهم الشر التي تجري في العالم أجمع بدولتك وبوطنك وبشعبك ، فعند كل قضايا الإرهاب تسارع كل الدول إلى القول بأن الإرهابي قد تدرب في اليمن ، وتشهد بهذا الكثير من الوقائع والحوادث ، ولماذا أكثر جنسية تراها في معتقل (جوانتامو) الشهير هي الجنسية اليمنية ، ولماذا يقول العالم كله أن اليمن هي الوكر الذي تنطلق منه القاعدة إلى كل دول العالم ، خاصة بعد أن أخرجتها السعودية من أراضيها ، فهل كل هذا تجنياً عليك يا بشير الخير ؟!
إذا كنت بشيراً للخير ، سيحبك أبناء شعبك ، وستمضي بينهم بكل ثقة وحب ومودة وحرية ، من غير أن تحتاج للمواكب الضخمة التي تفوقت فيها على كل الزعماء ، ولن تحتاج إلى إنشاء قوات أمنية وبمختلف المسميات لحمايتك ، ابتداء من الحرس الجمهوري الذي يقوده ولدك ، ثم الحرس الخاص الذي يشرف عليه ابن أخيك ، وحتى الأمن المركزي رغم أنه من المفترض به حماية الوطن والشعب بأكمله ، إلا أنه أمن مركزي لحماية مركز القصر وما حواليه ، أما الوطن فبيذهب إلى الجحيم ، ولم تكتفي بجهاز استخبارت (الأمن السياسي) ، فأسست جهاز (الأمن القومي) وجعلت ابن أخيك على رأسه ، فلماذا كل هذا الخوف ، ألا تقول أنك تعدل بين أبناء شعبك ، إذن فالعادل لا يخاف ، فأين أنت من ابن الخطاب عندما أتاه الفارسي وهو نائم تحت شجرة على قارعة الطريق ، فقال (عدلت فأمنت فنمت يا عمر ) ، أما أنت (ظلمت فخفت فنمت يا علي ) ، نمت في قصرك الأسطوري والذي أقمت أساسه على ظهر هذا الشعب المسكين ، نمت على فراشٍ وثير تم صناعته واسيراده خصيصاً لك وبعشرات آلاف الدولارات ، بينما شعبك ينام على فراش الفقر ويتدثر بغطاء الجهل ويتوسد البطالة والخوف والمرض .
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا يهرب أبناء وطنك للعمل في دول أخرى ، وربما بمهن مخزية ، معتقدين أن الخزية الكبرى هي جلوسهم تحت حكمك الذي شاب لهوله الولدان ، ولهم الحق في ذلك ، معرضين أنفسهم لجميع الأخطار ابتداء من التهريب عبر حدود وطنك التي لم تستطيع أن تحرسها ، وذلك لأنك راكمت معظم القوات لحمايتك ، وجعلت المنطقة الأخطر في البلد هي منطقة قصرك وضواحيها ، أما حدود البلد فلها ربٌ يحميها وأنت رّبُ قصرك فقط ، ولك الله يا يمن !
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا شوهت سمعة اليمن في مختلف المحافل الدولية في عهدك ، وفي كل المجالات ، ابتداء بالمجال السياسي الذي جعلتنا أضحوكةً فيه ، والمجال الاقتصادي الذي لم نرى منه إلا الحديث عن الاعتماد الاضافي دائماً ، ولا نعرف أين تذهب الموازنة الأساسية حتى نعرف أين يذهب الإضافي ، والمجال الرياضي وصلنا إلى الحضيض حتى بلغ أن يتداول الناس ساخرين أن المنتخب اليمني عندما يذهب لأي مشاركة يذهب بطائرة واحدة ، وعند العودة يعود بطائرتين ، احداهما لأفراد المنتخب ، والأخرى للأهداف الكثيرة التي سجلت في مرماه ، وقد بلغت السخرية منا حد تضمينها في الأعمال السينمائية ، وليس آخرها ما قاله الممثل المصري محمد هنيدي في أحد أفلامه عندما رأى شخصاً شاحباً مبهذلاً يبدو عليه الفقر والجوع والاصفرار ، عندئذ يقول له : (هو إنت لك قرايب في اليمن) ، وحتى على مستوى (الشحاتين) من أبناء بلدك الذين يملئون الدول وخاصة دول الخليج منها ، والغريب أن كثيرين منهم يدخلون بصفة (رجل أعمال) كما يقول أبناء الخليج في تبريرهم لتشديدهم الرقابة على دخول أبناء اليمن إلى دولهم ولهم الحق في ذلك ، فلماذا بلغنا هذا الحد من سخرية الشعوب والأفراد بنا في ظل حكمك يا بشير الخير ؟!
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا أكثر من نصف أبناء شعبك يعيشون تحت خط الفقر ، أي على أقل من دولارين يومياً ، فلا تكاد تمضي في شارع إلا ورأيت الكثير من أبناء وطنك يمدون أيديهم بلهفة إلى براميل القمامة لكي يجدوا ما يسد رمقهم ، بينما الحديث عن ثروتك (يدوِّخ) العقل ، حيث أنه إلى الآن لا توجد أرقام واقعية ، ولم تنكشف كل الأوراق التي ستكشفها ثورة الشباب كما كشفتها من قبل في مصر وتونس وليبيا ، ولكن إلى الآن نسمع أن ثروتك تقدر ب50 مليار دولار ، فمن أين لك هذا يا بشير الخير ، فحسب علمي أن اسمك (علي عبدالله صالح) ، ولست (علي بيل جيتس) أي أنك لست ولداً لأغنى رجل في العالم وهو صاحب شركة مايكروسوفت ، فكيف هذا يا بشير الخير ؟!
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا نسارع إلى القفز من فوق الفضائية اليمنية ونحن نتنقل بين القنوات كي لا تفاجئنا صورتك ، وكي لا نضطر إلى سماع خطاباتك المتكررة والمملة والممتلئة بالضحك على الذقون ، ولو حدث أن عاد (سيبويه) إلى الحياة وسمع خطاباً واحداً من خطاباتك لمات قهراً مليون مرة ، خاصة عندما يلاحظ أن رئيس دولة لا يستطيع بعد 33 سنة من جلوسه على الكرسي التفريق بين (الذي والتي) كمثال بسيط لقدرتك النحوية العظيمة ، فهل من المعقول أنك رغم هذه الثروة الكبيرة التي تستطيع أن تشتري بها وطناً جديداً غير اليمن وتذهب لحكمه ، إلا أنك لم تستطع توفير (مدرس خصوصي) يشرح لك بعض قواعد النحو ، أو أنك تظن أنك لا زلت صغيراً والحياة أمامك ، وعندما تكبر ستتعلم كل شيء ، ربما هذا ما يجول بخاطرك يا بشير الخير فطول البقاء على الكرسي (يجنن) الرجال ، واسأل صاحبك القذافي ، فمن أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة ؟!
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا حولت شعبك إلى (تقرير طبي) (تشحت) به على أبواب كثير من دول العالم ، حتى أشعرتنا بأن الانتماء لليمن (عار) بعد أن كان (شرفاً) لا يناله إلا أشراف العرب ، ولدرجة أن المؤتمرات الخاصة باليمن قد توزعت على مدن عالمية كثيرة ليس آخرها (مؤتمر لندن للمانحين) ولا (مؤتمر الرياض) و...القائمة تطول ، حتى أنني أخاف أن أكتشف أن هناك مؤتمر (مقديشو) لمانحي اليمن ، فلماذا لا تتعفف في السؤال وتصر على أن تسأل الناس إلحافاً يا بشير الخير ؟!
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا يُهان الصحفيين في ظل حكمك ، ولماذا يُختطف الناشطون في بلدك ، حتى وصل الأمر إلى قمة (قلة الحياء) باختطاف النساء ، ولماذا تجعل الإشارة دائماً (حمراء) عند من يحاول التفكير في أن يكون له رأي مستقل بذاته ولا تديره ب(الريموت) ، وتجعلها (خضراء) أمام ناهبي المال العام والمفسدين في الأرض ، فهل أنت رجل مرور يُعتمد عليه في تسيير أمور شارع واحد ، فما بالك بوطن يمتلئ بالكفاءات في شتى المجالات ، ويزدان بالمواهب في مختلف الأمور وأنت تعرف ذلك ، لكن يصعب عليك التصديق بعد طول معاقرة السلطة ومعاشرة الحكم موقناً بأن النساء قد عقمن أن يلدن مثلك ، وأن الأمة لو اجتمعت على أن يأتوا بمثلك لن يستطيعوا ذلك أبداً ، فكيف الخبر يا بشير الخير ؟!
إذا كنت بشيراً للخير لماذا جعلت الوظائف المهمة في البلد محصورة على أفراد عائلتك ، ويليهم أبناء مملكة (سنحان) العظيمة ، معتمداً على قاعدة (الأقربون أولى بالمناصب) وتجاهلت أصحاب الكفاءات والألقاب العلمية التي أفنوا أعمارهم في الحصول عليها ، وذلك لأنك تعرف أن أولي الألباب هم خطر على سلطتك التي تنتقي ضعيفي الإرادة ومسلوبي العزيمة وعديمي الرجولة وناقصي العقل والدين والخاليين من المشاعر والخارجين على القانون لتشكل منهم ما يُعتقد بأنه (النظام) الحاكم في دولة الفوضى والفشل التي أسستها بمداميك الوساطة والمحاباة ، فلماذا كل هذا ، أليس هناك إله سنصير إليه جميعنا وسيسائلنا عن كل أعمالنا ، أم أنكم قد وصلتم إلى مستوى أن تقولوا (أنا ربكم الأعلى) ، ما الأمر يا بشير الخير ؟!
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا لم تبشرنا برحيلك دون أن تريق دماء أبناء شعبك ، رغم أنك لن تتفضل على شعبك بشيء ، لأن الشعب هو مصدر السلطة كما يقول الدستور والقانون ، أما أنت فمجرد موظف مع هذا الشعب ، وقد أعطاك الفرصة لمدة 33 سنة لم نذق فيها إلا كل (شر) يا بشير الخير ، فلماذا لم ترحل بهدوء ، على الأقل كان يمكن أن ننسى حجم الفساد والاستبداد الذي عشناه في عهدك ، ويذكرك تاريخ هذا الشعب الضارب بجذوره في الأعماق بشيء جميل ، وتختتم حياتك بشكل يجعلنا نتذكرك بخير ، لماذا يا بشير الخير ؟!
إذا كنت بشيراً للخير ، لماذا قمعت المظاهرات السلمية التي خرجت تطالبك بحقوقها بكل أسلوب حضاري بعيد عن الهمجية التي انتهجتها أنت ومن اتبعك من الغاوين ، ولماذا استخدمت قواتك غازاً محرماً دولياً لم يستخدمه شارون (اليهودي ابن اليهودي) عند مهاجمة قواته لغزة ، فكيف يفعلها (مسلم ابن مسلم) في حق أخوانه في الدين والنسب والوطن الواحد ، كيف فعلت كل ذلك يا بشير الخير ؟!
يا صاحب الفخامة ، يا بشير الخير ، أين أنت من الفاسدين والفساد الكبير المستشري في البلد ، وأين أنت من نهب الأراضي ، وعمليات سرقة المال العام المنظمة ، أين أنت من استنزاف الثروات ، وسرقة مقدرات البلد ؟
أين أنت من الشر الذي صنعته بيديك أنت وأزلامك ، متلاعباً بالوطن في ستة حروب في صعدة استنزفت فيها الكثير من أموال الشعب وأرواحهم وأنت في قصرك لا تبالي بأحد ، وليمت من يمت ، فالأهم هو صاحب الفخامة ، وأين أنت من مشروع الانفصال الذي تخوفنا به ، والذي رسمه النظام الفاسد في دولتك ، ليكون ذريعة لكل أعمالهم البغيضة بحجة منع الانفصال ، وأين أنت من إرهاب الشعب بتحذيرهم من القاعدة وعملياتها ، فأين ذهبت القاعدة هذه الأيام عندما انشغلتم بقمع الشعب ، ولن تقول لي بالتأكيد إن القاعدة تستأذن منكم وتطلب تحديد موعد عندما تريد تنفيذ عملية تخريبية ما ، ولكن لن تنطلي علينا الأكاذيب حتى النهاية ، فهذا النظام هو الحوثي وهو الانفصالي وهو الإرهابي القاعدي وهو كل الخطر المحدق باليمن .
يا بشير الخير ، لتكن بشيراً للخير الآن ، الملل قتل قلوبنا من أحاديثك وخطاباتك ، والسأم يكاد يفتك بأرواحنا من مبادراتك ، يكفينا ما فينا ، دعنا نعيش في هدوء وسلام ، دعنا نصنع حاضرنا لكي يكون مستقبلنا أفضل ، صحيح أنك خضبت يدك بدماء الشباب سواء في صنعاء وعدن وتعز والضالع والحديدة والبيضاء ومارب وحضرموت ...الخ ، لكن ارحل وسنجد لك مخرجاً من كل ما اقترفته يداك ، صحيح أن هذا الشعب (مسكين) ولكنه مع شدة الظلم انتفض ونزع عنه حرف الميم ليصبح (سكين) ستطعن كل من أراد الإضرار بالوطن وأمنه واستقراره ، لذا فحاول في الرمق الأخير أن تكون بشيراً للخير ، بعد أن كذبوا عليك وأوهموك من قبل سنين عجاف أنك بشير الخير !!.
في الأربعاء 23 مارس - آذار 2011 04:41:19 م