لكي تنجح الثورة لابد من إنصاف الرئيس
عادل الاحمدي
عادل الاحمدي

أصبح اليمن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة بكل معنى الكلمة وصار انتقال السلطة أمراً محتماً يصعب التراجع عنه أو التحايل عليه، وليس أمام اليمنيين إلا أن يكون تداولاً سلمياً وأن ينقل اليمن إلى وضع أفضل وبشكل سلس وآمن، بل ومشرِّف، وهذا لن يكون ما لم يلتزم أطراف العمل السياسي بجملة مبادئ وقيم هي الضامن الوحيد لحاضر ومستقبل اليمن وإلا فإن المخاطر أسوأ بكثير مما يمكن تصوره.

بات رحيل الرئيس علي عبدالله صالح عن كرسي الحكم أمراً مؤكداً، ولقد نجحت الأحدث في إيصال قناعة التداول إلى نفسه، ولقد قدم الشعب عشرات من الشهداء قرباناً للأجمل المؤجل.. ويتطلب الانتقال السليم وجود لغة صادقة تجاه الرجل وتاريخه تتسم بالإنصاف الذي بدونه سيسيطر العناد سواء عليه أو على من حوله..

لقد شهدت البلاد في عهد علي عبدالله صالح نقلة حقيقية ونوعية في جميع المجالات، وأصبحت مهيأة بفعل هذه النقلة، للدخول في عهد جديد يتم التوافق فيه على عقد اجتماعي جديد ينظم عملية الإدارة والتنافس بين قوى المجتمع عليها، وتعزز فيها ثقافة الإنتاج والاحتكام إلى القانون الذي يتساوى أمامه الجميع أياً كانت مشاربهم أو معتقداتهم أو مناطقهم أو انتماءاتهم..

إزاء ذلك لا ينبغي أن يحمل العهد القادم أية مؤشرات للإلغاء أو الإقصاء أو التهميش أو التجاهل.. ولعل تاريخ علي عبدالله صالح هو المحك الحقيقي الذي تختبر فيه نوايا القادم الجديد، فكلما كانت ملامح هذا القادم على قدر من الإنصاف والاعتراف والتكريم والتثمين للنقاط المضيئة والتجاوز الحسن للنقاط المعتمة كلما كان بادرة خير لليمن، وليس أمام اليمن إلا هذا السبيل، أما ما عداه فهو الانتحار بعينه..

للرئيس صالح لمساته المفاجئة، التي تؤهله بكل جدارة لترك كرسي الحكم استجابةً لمطالب المستقبل، ليظل في وجدان اليمنيين زعيماً تاريخياً بعيداً عن السلبيات والنواقص والأخطاء التي رافقت فترة حكمه الضاجة بالحيوية والحياة والنقلات السريعة في كل اتجاه.

وكم كان الدكتور ياسين سعيد نعمان موفقاً وحكيماً عندما صرح الأسبوع الماضي بأن علي عبدالله صالح بعد رحيله سيظل في نظر اليمنيين زعيماً.

وإنني لأنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي يمكنني فيه زيارة علي عبدالله صالح وهو خارج كرسي الحكم، والتحدث معه حول تجربته الطويلة دونما خوف من الوقت، وأريد له أن يرى اليمن الذي اجتهد في خدمته حسب قدرته يواصل تقدمه أمام عينيه ويخطو إلى الأمام ويذكره بالخير.

 

وأقول لصالح: صدقني أن الشباب الذين ينادون اليوم برحيلك هم أحرار لن يقبلوا أبداً أن يغمط حقك أحد من الخلق، كمحقق لوحدة الأمة اليمنية بعد قرون من الشتات، وكزارع لبذرة الحرية والديمقراطية، وكقائد أشرف على لملمة ملامح دولة في بلد حُرِم لقرون عديدة من الوجود الحقيقي أو الشكلي لدولة (هذا ما سيحتفظ التاريخ بذكره)..

وعلى كل المتوترين الذين يسيئون لثورة الشباب بتطرفهم، وباتباعهم لغة الغمط والإلغاء والوعيد، عليهم أن يعلموا أنهم بأسلوبهم هذا يؤخرون ولادة العرس اليماني الجديد، ويستفزون مشاعرنا، ويجعلوننا نتوجس من نواياهم..

ولنرتب معاً أجندة الأرواح، ونعمل على تطييب الخواطر وطمأنة النفوس صدقاً لا تكتيكاً، ولننظر إلى المستقبل البعيد ذلك الذي نريد أن يتم فيه الثناء على المعشر اليماني الذي عاش في هذه المرحلة، بأنه أبهر الكون بتداول سلس لم يدر على خلد أحد. 


في الأحد 27 مارس - آذار 2011 03:21:16 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=9642