|
تذكرنا دعوة الأطراف اليمنية من قبل وزراء خارجية دول مجلس التعاون في إجتماعهم الاستثنائي في مقر الأمانة العامة لدول المجلس بالرياض للحوار لحل الأزمة اليمنية بتلك الدعوة التي وجهتها العاصمة الأردنية عمان قبل حرب صيف 94م المشئومة للأطراف المعنية في اليمن والتي كانت حصيلتها " وثيقة العهد والإنتفاق " التي تم وأدها بالحرب المشئومة رغم العهود التي طرحت والوعود التي أطلقت أمام كاميرات التلفزة يومها بعدم شن الحرب أو السماح لليمنيين ان يتحاربوا ، وبرغم كل ذلك خلقت المبررات فكانت الحرب المشئومة التي أكلت الأخضر واليابس وأقتتل اليمنيون شر قتله أستخدموا فيها كل أنواع الأسلحة فقصفت المدن وسقط الضحايا وأعلن الإنفصال اللعين فأختلف المختلفون هل كان الإنفصال نتيجة للحرب أم سابق لها وفتشوا في نوايا بعضهم البعض وقسموا أنفسهم الى " شرعية " وإنفصالي "و شمالي وجنوبي ودحباشي وهندي وصومالي فتمزق الشعب والجيش و بعد أن أقتتل اليمنيون شر قتله أنتصروا لوحدتهم فدحر الإنفصاليون وجرى إقصاء من وصموا بالإنفصال وفقاً لمزاج خاص حتى وإن كانوا وحدويون حتى النخاع وتربع الوحدويون المنتصرون بالحرب قمة المجد والنصر لكنهم أختلفوا كالعادة بعد ثلاث سنوات وبالتحديد في 97م فتفرق الوحدويون المؤتلفون المنتصرون بالحرب مرة أخرى ودب الصراع والإختلاف ، وتجلى في أوضح صوره خلال إنتخابات 2006 الرئاسية وعادت اليمن الى مربع الإقصاء من جديد وخلقت المبررات وما أسهل خلق المبررات في وطن لم يعتاد ناسه على القبول بالأخر وإن مثلوا على بعضهم أو تظاهروا وتصنعوا أنهم ديمقراطيون ومتسامحون لكنهم في قراره أنفسهم قبائل متناحرة تاريخها حافل بالصراعات والحروب والإقصاء.
واليوم ونحن أبناء اليمن على شفا جرف هار وحرب مدمرة يجري التحضير لها مع سبق الإصرار والترصد تأتينا دعوة دول مجلس التعاون الخليجي للحوار في الرياض وتتصدر أخبار اليمن عناوين نشرات الأخبار في الفضائيات وكأننا لم نغادر أزمة 93م وقبل الولوج في حرب صيف 94 المشئومة وإن اختلفت العناونين والأطراف والمسميات.
ومثلما كان العناد سائداً قبل حرب صيف 94 المشئومة فهو اليوم عنوان الأزمة وصلبها ومخها وعمودها الفقري فقد كان علي سالم البيض قبل حرب صيف 94المشئومة يصر وبقوة وعناد لا مثيل له على البدء بتنفيذ البند رقم واحد برغم الدعوات المتكررة التي أطلقها يومها الدكتور ياسين سعيد نعمان وغيره من المخلصين في اليمن بتجاوز البند رقم واحد والبدء في تنفيذ البند الثاني فأننا اليوم نجد هناك إصرار وعناد من قبل الطرفين المتصارعين في البلاد على مواقفهما وعدم التزحزح قيد أنمله فهناك الرحيل فوراً وهناك التمسك حتى نهاية الفترة وما طرحت من أفكار بين الموقفين المتصلبين نهاية العام أو بعد ستة أشهر أو خلال ستون يوماً ما هي إلا تكتيكات و مناورات لكسب الوقت ليس إلا .
وما يراه المتابع العادي وليس الذي يقرأ ما بين السطور يصل الى نتيجة واحدة خلاصتها أن مؤشرات الوصول الى الاحتراب والاقتتال بادية للعيان ومن يتجاهلها أعمى البصر والبصيرة فهناك عناد وتمترس وسقوط ضحايا بشكل يومي وكل ما زاد عدد الضحايا زاد الإصرار على المواجهة ، ولم يتبق سوى تحديد ساعة الصفر فالتحريض والتسليح والتجنيد والتجييش للأنصار يسير على قدم وساق
وحدهم الذين يقدمون التضحيات من أرواحهم ودمائهم هم شباب الثورة الذين خرجوا الى الميادين والساحات بصدور عارية ينشدون التغيير الى الأفضل فقدموا الشهداء والجرحى والمصابين فمن حقهم أن يتمسكون بشرطهم في التنحي و الرحيل وأن لا يرضون عنه بديلا فدمائهم قد سالت في الشوارع وقتلاهم يزدادون يوماً بعد يوم ومن حقهم أيضاً أن يتمسكوا بتمثيلهم في أي حوار داخلي أو خارجي ومن حقهم أن يكونوا ممثلين ضمن الأطراف المعنية التي ستذهب الى الرياض فهم وحدهم من عمدوا أنفسهم طرفاً معنياً بأي حوار أو تفاوض للتنحي ونقل السلطة بتضحياتهم ودمائهم وشهدائهم ، أنهم اليوم هم الطرف الأقوى بصدورهم العارية وليس من حق أحد لا الأطراف السياسية في الداخل والخارج ولا المسيطرون على القوى العسكرية والأمنية ولا الوسطاء في مجلس التعاون الخليجي منعهم من المشاركة في حوار الرياض .
وأعجبني كثيراً جداً تصريح الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الجديد البحريني الدكتور عبداللطيف الزياني الذي قال فيه "ان وساطة مجلس التعاون في اليمن تتطلب قبول كل الأطراف دون استثناء وأن جهود المجلس لن تكون بديلا عما يراه الشعب اليمني " وهو بذلك قد حدد المتحاورون أو الأطراف المعنية في اليمن بـ" كل الأطراف دون استثناء"
واعلان وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني أن مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي التي ارسلت للرئيس والمعارضة في اليمن تتضمن في أهم بنودها تنحي الرئيس علي عبد الله صالح لصالح نائبه، وتقديم ضمانات للرئيس وعائلته ونظامه، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية .. يضع النقاط على الحروف.
وحتى لا تعود حليمة الى عادتها القديمة كما حصل بعد توقيع " وثيقة العهد والإتفاق" في العاصمة الأردنية عمان وأقصد هنا بوضوح العودة من الرياض الى الإقتتال والحرب لان طرفي الصراع في البلاد حالياً يستعدون بقواهم العسكرية ويحشدون انصارهم ويسلحونهم انتظاراً لساعة الصفر وكأننا نعيش أيام ما قبل الحرب ، كما كنا في أواخر عام 93م وبداية 94م ، فإننا نرى أن على الوسطاء من دول مجلس التعاون الخليجي أن يعملوا حساب لهذا الأمر بأن تكون كل الأطراف المعنية في اليمن مشاركة في حوار الرياض وهم الأطراف السياسية في الداخل والخارخ والشخصيات الإجتماعية المؤثرة والأطراف العسكرية وشباب الثورة وأن يكون أي اتفاق سيرعون توقيعه تفصيلياً وبجدول زمني معروف وواضح بعيداً عن الصيغ العامة والإطارات المتضمنة صيغ مطاطية تحتمل أكثر من معنى .
بوضوح أكثر فواشنطن والإتحاد الأوروبي والكثير من الأطراف المعنية في اليمن بما في ذلك شخصيات إجتماعية مؤثرة وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني وشباب الثورة مجمعون على أن أي حوار وتفاوض لا يناقش التنحي وإنتقال السلطة وكيفية الرحيل الأمن لن يكتب له النجاح وهناك أمر هام جدا على الأطراف المعنية في اليمن والوسطاء من مجلس التعاون الخليجي التركيز عليه وهو وضع الضوابط وأليات التنفيذ التي تضمن عدم تفجير الحرب عقب التوقيع على أي إتفاق سيتم التوصل إليه في الرياض حتى لا يلدغ المرء من جحر مرتين فقد تم التوقيع على" وثيقة العهد والإتفاق" في العاصمة الأردنية عمان وأطلق القادة والأطراف المعنية عقب التوقيع الوعود والتعهدات بعدم تفجير الحرب لكنها تفجرت وما أسهل خلق المبررات لتفجير حرب ، وما أكثر المجانين المستعدون للضغط على الزناد ، فعلى الوسطاء من مجلس التعاون الخليجي أن يضمنوا أن جميع الأطراف المعنية ستمثل في حوار الرياض بما في ذلك شباب الثورة وأن يضمنوا أن من بيدهم الجيش والأمن سيلتزمون بعدم تفجير الحرب .
والسبيل الى ذلك بسيط وسهل والضمانة الوحيدة هو عدم أكتفاء الوسطاء من مجلس التعاون الخليجي بدور عقد الحوار والتوقيع على اتفاق أو الركون الى ما سيتوصل إليه المتحاورون من إتفاق وأليات تنفيذية وإنماء الإشراف الحقيقي الميداني المباشر على تنفيذه حتى لانفاجأ عقب توقيع أي إتفاق في الرياض بالحرب كما حصل عقب توقيع " وثيقة العهد والإتفاق" في العاصمة الأردنية عمان .
والله من وراء القصد .. وجنب الله اليمن شر الإقتتال
في الخميس 07 إبريل-نيسان 2011 04:00:36 م