هذا ما أقوله للرئيس وللواء علي محسن
ابراهيم  بن محمد الوزير
ابراهيم بن محمد الوزير

سفكُ الدماء معصية كبرى ، ويُعتبَـرُ من أكبر الكبائر لا سيما من ولي الأمر ، يقولُ اللــَّــهُ -عَــزَّ وَجَــلَّ-: (فهل عسيتم إنْ توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامَـكم) ، ويقول -عَــزَّ وَجَــلَّ-: (ومن يقتلْ مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنمُ خالداً فيها وغضب اللــَّــهُ عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً) ، وليس هناك ما هو أكبر من هذا التهديد العظيم والوعيد الشديد ، ويقولُ الرسول -صَــلــَّـى اللــَّــهُ عَـلــَــيْـه وَآلــَــهُ وَسَـلــَّــمَ-: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضربُ بعضُكم رقابَ بعض) ، فمن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب اللــَّــه عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً ، والذي يأمُرُ بقتل المؤمنين المطالبين بحقوقهم سلمياً دون أن يطلقوا رصاصة واحدة أو يقوموا بأي عُنف ، مَن يقتلــْــهم أو يقتلْ منهم البعضَ أو يأمرْ بقتلهم أو قتل بعضهم فهو كما أخبر اللــَّــهُ يستحق العذابَ الشديدَ والوعيدَ الرهيبَ الذي قرأناه في هذه الآية الكريمة المنزَّلة مِنْ مَنْ لا يخلفُ الميعاد ، وليست واللــَّــه مسألة لعب أو ضحك وإنما هو الحق الذي لا ريبَ فيه.

لذلك فإنني أنصح الرئيس ، وأرجوه أن لا يتمادى في العناد الذي يؤدي إِلـَـى مزيد من سفك الدماء ، فالدنيا قليلٌ سواءٌ بقي على كرسي الرئاسة 32 عاماً أو 52 عاماً فإنها لا بد أن تنتهي الفترة قليلةً أو كثيرةً ، ثم يلقى اللــَّــهَ -عَــزَّ وَجَــلَّ- مثلَ سائر البشر وحيداً عارياً ليس له مالٌ ولا جاهٌ ولا أنصارٌ ولا أصدقاء ، كما سنلقاه جميعاً كذلك. فليتعقلْ الرئيسُ ، فإن الجُرْمَ كبيرٌ والذنب عظيم ، ودماء المسلمين والمواطنين جميعاً مسلمين وغير مسلمين حرامٌ حرام ، والاستهانة بأوامر اللــَّــه مرتعُها وخيم وخاتمتها عُقوبة رهيبة ونزعٌ للخير والبركة ومصيرٌ إِلـَـى السوء والهلكة لسوء تلك الأعمال ، (وما ربك بظلام للعبيد) ، وسينصف اللــَّــه -عَــزَّ وَجَــلَّ- لكل مظلوم يقول سُـبْـحَـانَه وتعالى: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تُظلَمُ نفسٌ شيئاً وإنْ كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) ، والآيات والأحاديث التي تحذر من الظلم عامة ومن سفك الدماء بصفة خاصة كبيرة وصحيحة وصريحة .

ونقولُ لأولياء الأمر في بلادنا: كفى عَبَثاً وكفى تشبثاً بالكراسي والاغترار بها ، فالتشبث بالكراسي بهذه الأشكال جنونٌ ، وما دامت السلطة زالت عن الأولين فستزول عنكم وستذهبون وتقبَرُون تحت التراب كما سيذهب كــُــلُّ حي (كلُّ مَن عليها فان ويبقى وجهُ ربك ذي الجلال والإكرام) ، وكما ذهب الذين من قبلكم ، وسيبقى الذنبُ والجُرمُ معكم وسيزول ملككم كما زال مُلكُ مَن كان قبلكم وتبوئـُـون بعار ما تفعلون إِلـَـى يوم القيامة إن لم ترعووا عن سفك الدماء ، يقولُ اللــَّــهُ -عَــزَّ وَجَــلَّ- يومَ الحشر الأكبر: (لمن الملكُ اليوم ) ، فتجيبُه السماواتُ والأرضُ والملائكة ومَن في المحشَر ( لله الواحد القهار ).

سُـبْـحَـانَ اللــَّــه ما أعظمَ قدرةَ اللــَّــه ، سُـبْـحَـانَ اللــَّــه ما أجلَّ مُـلك اللــَّــه ، سُـبْـحَـانَ اللــَّــه الحليم ، سُـبْـحَـانَ اللــَّــه العظيم ، سُـبْـحَـانَ اللــَّــه ربِّ العرش العظيم ، سُـبْـحَـانَ اللــَّــه الذي يُمهِلُ ولا يُهمِلُ ، سُـبْـحَـانَ اللــَّــه وبحمده سُـبْـحَـانَ اللــَّــه العظيم .

ومع ذلك فإن الرئيس يستطيعُ أن يتلافى ما بقي من سُمعة طيبة .

وستكونُ له ذكرى حسنةٌ إِلـَـى يوم القيامة إنِ استطاع أن يترك العناد .

إن الشعبَ اليمني فيه تسامُحٌ كبيرٌ ، وهو مستعد أن يتركَكم وما معكم إنْ نزلتم عن الكراسي سلمياً بدون عناد .

قد أحسنتَ في مُدة حُـكمك في كثير من القضايا وأسأتَ في كثير من قضايا أخرى ، واليوم إن تنازلت عن الحُــكم طواعيةً وبسلام حافظت على تــَــأريخ ما عملتَ من خير ، وختمتَ ختاماً طيباً يضافُ إِلـَـى أعمالك الطيبة ، وتذكر به في تأريخ اليمن ، وإن عاندتَ واستمريتَ في سفك الدماء أضفتَ سيئةً عُظمى إِلـَـى سيئاتك السابقة ، وختمتَ ختاماً سيئاً يضافُ إِلـَـى سيئاتك الماضية ، ولن تـُــذكَرَ إلاَّ بها ولن يكونَ في تــَــأريخك وذكراك غيرُها .

هذا ما أنصحُ به ، فسارعْ بالتوبة إِلـَـى اللــَّــه -عَــزَّ وَجَــلَّ- أولاً ، ثم اعمل على إيقاف حمَّام الدم يغفرِ اللــَّــهُ لك ويُبَدِّلِ اللــَّــهُ سيئاتك حسنات كما وعد بذلك في كتابه العزيز ، وإذا كنتَ من أهل النيَّات الصالحة الصادقة فسيوفقك اللــَّــهُ للقيام بهذا الدور العظيم ، واللــَّــه يعفو عن السيئات وهو الغفورُ الرحيم .

وستكونُ لك ذكرى خالدة ، إذَا أراد اللــَّــهُ ذلك وَإذَا خرجت من الحُـكم بنية حقن دماء المسلمين ، فعسى اللــَّــهُ أن يقبَلَ منك ، والأمرُ لله وحدَه ، وهو الحاكم العدل ، وهو على كــُــلّ شيئ قدير وبكل شيئ عليم.

إغتنم هذه الفرصة ، ولا شك أنك لا تريد أن يتولى من بعدك قائدُ الفرقة الأولى مدرَّع اللواء علي محسن ، ومن حقك أن تشترط أنك لن تترُكَ الكرسي والمنصبَ إلاَّ أنتَ وَعلي محسن يداً بيد ، وقد سمعنا أنك اشترطت على علي محسن هذا الشرطَ فوافق اللواءُ علي محسن على ذلك ، وفي هذا تأمينٌ لك أنه لن يكونَ من بعدك إلاَّ مَن يختارُه الشعبُ في انتخابات سرية نزيهة لا غشَّ فيها ولا خداع ، ومن يختاره الشعب اليمني المسلم العظيم والمواطنون اليمنيون جميعاً من مسلمين وغيرهم برضاهم واختيارهم بدون غش ولا تزوير ولا خداع فهو الذي يختارُه اللــَّــهُ - عَــزَّ وَجَــلَّ - ؛ لأن اختيارَ الشعب عندَما يخلص لله ولمصلحة الوطن فهو إنما يعبِّرُ عن إرَادَة اللــَّــه .

إذا وفقتم إِلـَـى ذلك فستقدم استقالتك ، ويقدم علي محسن استقالته ، وينتهي بذلك سفكُ الدماء ويختمُ اللــَّــهُ لك بالخير وبحُسن السمعة ، ويختمُ لك ولعلي محسن بأنكم تركتم مناصبَــكم من أجل مصلحة البلاد ، وفي ذلك خيرٌ لكم كبيرٌ وأجرٌ عظيم وذكرى حَسَنَة ورضوانٌ من اللــَّــه أكبر .

وسيكونُ بعدَكم الأمرُ لله ثم للشعب الذي يُعبِّرُ عن إرَادَة اللــَّــه - عَــزَّ وَجَــلَّ - في إنتخابات حُرة نزيهة إن خلصت النياتُ لله ثم للوطن .

هذا ما خطَرَ على بالي وما أُدينُ اللــَّــهَ به وأقوله للأخ الرئيس وللواء علي محسن ، فليسَ بيني وبين أحدكم أَيَّــةُ مُشكلة شخصية ولستُ أكرهُ أيَّ أحد منكم لشخصه وإنما نكرهُ الأعمالَ التي تَضُـرُّ البلادَ ولا تُرضي رَبَّ العباد.

أسألُ اللــَّــهَ سُـبْـحَـانـَه وتعالى أن يجمعَ كلمتكم ويجمعَ كلمة أبناء اليمن جميعاً لخير أبناء بلادنا وللوَحدة والأُخوَّة والمحبة والمساواة في كــُــلّ الحقوق والواجبات ، كما أمَرَ اللــَّــهُ سُـبْـحَـانَه وتعالى ، ولتطبيق أوامر ربنا الذي يدعو إِلـَـى السلام والمحبة ويأمُرُ بالعدل والاحسان ويقولُ - عَــزَّ وَجَــلَّ -: ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوٌّ مُبين ).

واللــَّــهُ الهادي إِلـَـى سواء السبيل ، أسألُ اللــَّــهَ لي ولكم ولكل أبناء شعبنا الخيرَ والسلامَ والمحبةَ والوئامَ والتعاوُنَ في ما يُرضي اللــَّــهَ وينفعُ البلادَ ، كما قال تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعُدوان واتقوا اللــَّــه ).

وفقنا اللــَّــهُ جميعاً إِلـَـى ما يُرضيه وينفعُ عبادَه في أرض اليمن ، والسلامُ عليكم وعلى مَن اتبع الهُدَى. وصَلِّ اللــَّــهُمَّ وسلمْ وباركْ على عبدك ورَسُولك محمد وعلى آل محمد وأصحابه ومَن اتبع هُداه.

حسبُنا اللــَّــهُ ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير ، وعلى اللــَّــه توكلت .


في الخميس 14 إبريل-نيسان 2011 05:14:57 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m1.marebpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m1.marebpress.com/articles.php?id=9878