اليمن .. القصة الكاملة لاغتيال الدكتور المتوكل

الإثنين 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 الساعة 05 مساءً / مأرب برس – الجزيرة نت:
عدد القراءات 3442

أجمعت الصحف اليمنية الصادرة اليوم الاثنين على إدانة حادثة اغتيال السياسي اليمني المعارض محمد عبد الملك المتوكل، الذي قتل أمس الأحد برصاص مسلحين مجهولين بوسط العاصمة صنعاء.

وتصدرت صورة المتوكل الصفحات الرئيسية للصحف الحكومية والمستقلة، مع نشر برقيات التعازي والاستياء من الجريمة النكراء، وأوردت يومية “الثورة” نعي رئاسة الجمهورية وتأكيد الرئيس عبد ربه منصور هادي بأن “المجرمين لن يفلتوا من العقاب”.

ووصف رئيس تحرير الصحيفة فيصل مكرم قتلة المتوكل بـ”الإرهابيين”، وقال في مقال له إن “المتوكل لم يكن إلا نبراس فكر ومنار علم وثقافة، ولم يكن داعية حرب، ولا شيخ ضلالة، سلاحه قلمه وحسب، وشعاره حب الوطن حتى الثمالة، وعلى غير عادة السياسيين الحزبيين كان هو الأنقى حين تشتد الخصومات, والأصدق حين يلوح معترك الخلافات”.

من جانبه وصف وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان اغتيال المتوكل بـ”الكارثة”، واعتبر أن القتلة “يريدون البلاد ساحة للجنون، لذلك يقتلون العقلاء”, وقال في مقال بصحيفة “أخبار اليوم” إن اغتيال المتوكل هو “اغتيال للاعتدال والمنطق السياسي والعقل، ومقاصد الجريمة هي التأكيد على التطرف والفوضى والترسيخ للجنون”.

من القادم؟

أما يومية “اليمن اليوم” المملوكة للرئيس السابق علي عبد الله صالح فنشرت صورة جثمان المتوكل وهو مضرج بدمائه في المشفى، كما أبرزت صور القياديين في جماعة الحوثي اللذين اغتيلا سابقا في صنعاء وهما عبد الكريم جدبان وأحمد شرف الدين، وإطار صورة فارغ ملأته بعلامة استفهام كبيرة، وكتبت تحته “التالي؟”، في إشارة لاحتمال وقوع مزيد من الاغتيالات.

وأبرزت الصحيفة صورة أخرى تجمع صالح بالمتوكل أثناء زيارة قام بها لتهنئته بالنجاة من حادث تفجير مسجد القصر الرئاسي الذي كاد يودي بحياته إبان الثورة الشعبية ضد نظامه عام 2011.

ونقلت الصحيفة عن الدكتور كمال بدر الذي استقبل الحالة في المستشفى الجمهوري قوله “إن رصاصة مميتة اخترقت العنق من اليمين وخرجت من اليسار، ورصاصة أخرى في الكتف، موضحاً بأن الدكتور المتوكل فارق الحياة قبل وصوله المستشفى”.

وبحسب الصحيفة فإن الرواية الأمنية من واقع سجل البلاغات في مكتب البحث الجنائي بالمستشفى الجمهوري طابقت رواية شهود العيان، مضيفة إنه كانت تتواجد في مسرح الجريمة وبالقرب من المتوكل سيارة صالون معكس لون أسود مفتوح بابها الخلفي، وما إن أطلق المسلحان من على متن دراجتهما النار صوب المتوكل حتى غادرت السيارة بسرعة شديدة وكادت أن تتسبب بحوادث مرورية نتيجة السرعة. وعلى الفور سارع شخص يدعى نبيل يحيى العفاري من سكان الحي -تقاطع العدل مع الزراعة- وشخص آخر يدعى علي محمد النهمي- يعمل في مكتبة مجاورة لمسرح الجريمة- بإسعاف المتوكل وكان لا يزال يتنفس، لكنه فارق الحياة قبل وصوله المستشفى.

واتهم ريدان المتوكل، وفقا للصحيفة، أعداء الدولة المدنية باغتيال والده وقال إن عملية اغتيال والده هي مخطط قديم جديد لاغتيال حلم بناء الدولة المدنية.

وأضاف: “اغتيال والدي يأتي ضمن مسلسلات الاغتيالات التي تنفذها قوى الشر ضد شخصيات وطنية شريفة منها الدكتور عبدالكريم جدبان والدكتور أحمد شرف الدين. ووجّه عضو المجلس الأعلى للمشترك، أمين عام حزب الحق، حسن زيد، أصابع الاتهام بشكل مبطن إلى الطرف الخاسر في الحرب الأخيرة مع جماعة أنصار الله (الحوثيين)”.

من جانبها ذكرت يومية “المصدر” أن اغتيال المتوكل “يهز الحياة السياسية” باليمن، وقالت إن قتل المتوكل -أبرز مؤسسي تكتل أحزاب اللقاء المشترك الذي عارض نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح- يهدف إلى “اغتيال صوت الحوار والمدنية”.

وأفادت الصحيفة في تفاصيل الاغتيال بأن أربع رصاصات من مسدس كاتم للصوت اخترقت جسد المتوكل قرب منزله في صنعاء، أطلقها عليه مسلح يستقل دراجة نارية، حيث سقط على الشارع وكانت الدماء تنزف من صدره، وحاول مارة إسعافه ونقله للمشفى إلا أنه قضى.

وقالت صحيفة “الأولى” إن اغتيال المتوكل كان “فاجعة”، وإن الصدمة عمت اليمن، وإن جريمة اغتياله ستعصف بالآمال في الاستقرار والخروج من دوامة الدم.

وقال رئيس تحرير الصحيفة محمد حفظ الله عايش إن “الدكتور المتوكل لم يكن حوثيا، لكن الحوثيين سيصبحون بعد استشهاده متوكلين، بمعنى أنهم لن يمرروا الجريمة، وهم يعرفون جيدا أن جانبا من أهدافها هو النيل منهم، ولا يمكن لأحد التكهن بما ستخلقه هذه الجريمة من رد فعل سياسي وأمني في البلاد”.

ويُعد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل أحد مؤسسي تكتل أحزاب اللقاء المشترك، والأمين العام المساعد السابق لاتحاد القوى الشعبية وأبرز دعاة الدولة المدنية الديمقراطية العادلة وشعارها (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)، وهو الشعار الذي دائماً ما كان يردده المتوكل. وسبق أن تعرض لمحاولة اغتيال نهاية العام 2011م في حادثة عرفت بـ(الموتر سيكل) وسط العاصمة، ونقل لتلقي العلاج في الأردن، وعند عودته وجّه أصابع الاتهام إلى الجناح المتطرف داخل حزب الإصلاح، وقال في حوار صحفي مع الزميل عبدالناصر المملوح (حاولوا اغتيالي لأني كنت رافضاً لعسكرة الثورة).

وقام المتوكل بزيارة الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام الزعيم علي عبدالله صالح لحظة عودته من السعودية.. وهنأه بنجاته من العملية الإرهابية التي استهدفته وكبار قادة الدولة في مسجد دار الرئاسة، أثناء الأزمة 2011م، حينها تعرض المتوكل لحملة انتقادات واسعة من بعض أحزاب المشترك.

وبعد زيارته للرئيس صالح بأشهر تم تجميد عضويته في المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك قبل أن يتم إقالته واستبداله بآخر من اتحاد القوى الشعبية. وكان المتوكل كتب مقالاً على خلفية جريمة مسجد الرئاسة بعنوان (لماذا أنجاك الله من الموت) أشار فيه إلى أن اليمن لا تزال بحاجة كبيرة للرئيس صالح، وأن بمقدوره أن يعمل شيئاً لصالح هذا الوطن من خلال الحفاظ على توازن القوى.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن