الحوثيون يسهمون في تفكيك الأحزاب السياسية اليمنية

الأحد 07 ديسمبر-كانون الأول 2014 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - القدس العربي - خالد الحمادي
عدد القراءات 2397
 

نجح المسلحون الحوثيون الذين يطلقون على أنفسهم «أنصار الله» إلى حد كبير في خلخلة و(تفكيك) الأحزاب السياسية العريقة في اليمن، منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء في 21 أيلول/سبتمبر الماضي والتي قضت على الحراك السياسي كما أصابت الدولة بالشلل.

وذكر العديد من السياسيين اليمنيين لـ»لقدس العربي» أن «الحياة السياسية في اليمن أصبحت مرهونة بهوى السيد الحوثي المقيم في كهوف صعدة، هو الآمر والناهي، ويتحكم عمليا بكل مقاليد الأمور في الدولة كما يهيمن على صناعة القرار في الأحزاب، حيث أصبحت أغلب الأحزاب الفاعلة والعريقة رهن القرار الحوثي».

وأوضحوا ان «الحوثيين أفرطوا في استخدام القوة المسلحة والإنتقام من خصومهم وخلق الرعب في أوساط النشطاء السياسيين والحقوقيين وحتى الإعلاميين، وأجبروا الجميع على السير في فلكهم أو تحمّل كل الانتهاكات ضدهم والصبر على أذاهم».

وأكدوا أن المسلحين الحوثيين صاروا يسيطرون على كل شيء في القرار السياسي من خلال الآلة العسكرية والقبضة الحديدية التي يملكونها ولذا خلقت شروخ حزبية وتنظيمية كبيرة في أبرز الأحزاب العريقة، أسهمت في تفكيكها والدفع بها إما نحو الهاوية عبر مجاراة الهوى الحوثي، وإما نحو الصمود على المبادئ السياسية والحزبية وبالتالي التعرض لكل الأذى والعنف والقهر من قبل المسلحين الحوثيين الذين لا يحترمون القيم والمبادئ السياسية ولا حتى القبلية والاجتماعية والدينية. وكان الحزب الوحدوي الناصري في مقدمة الأحزاب التي طالتها عملية التغيير القيادي مع بداية توسع النفوذ الحوثي في اليمن، حيث شجعت المتغيرات السياسية التي خلقتها الحركة الحوثية على اندلاع ثورة شبابية داخل الوحدوي الناصري، طالبت بتغيير القيادة العليا في الحزب ونجحت في ذلك عبر انعقاد المؤتمر العام للحزب وتغيير الأمين العام بالأضافة إلى تغيير بقية القيادات الهامة فيه بوجوه شابة.

حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح والذي يعتبر الأكبر في البلاد، شهد أيضا حالة ثورية من قبل صالح وأعوانه، ضد رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي الذي كان يحتل منصب الأمين العام، حيث تمت الاطاحة به من قيادة الحزب وإقالة العديد من المتعاطفين معه وفي مقدمتهم السياسي المخضرم عبدالكريم الارياني، الذي كان يحتل موقع النائب الثاني لرئيس حزب المؤتمر. وأحدثت هذه العملية استياء في أوساط حزب المؤتمر ذاته كما في الأوساط السياسية، إثر محاولة صالح الهيمنة على الحزب، الذي يتهم بتحالفه مع الحوثيين ضد سلطة الرئيس هادي.

أعضاء حزب المؤتمر في الجنوب أصيبوا بالضربة الحزبية التي أصابتهم ولم يتوانوا في مواجهة هذا التحرك الحزبي الشمالي فتحركوا نحو شق الحزب إلى جناحين، وتأسيس حزب مؤتمري جنوبي يترأسه الرئيس هادي، وربما يكون مواجها لحزب صالح الشمالي على غرار المطالب الجنوبية بانفصال الجنوب عن الشمال كدولة وكنظام سياسي.

الحزب الاشتراكي اليمني أيضا طالته من شرارة الحوثيين الكثير، حيث لجـأ الأمين العام للحزب ياسين سعيد نعمان إلى الافصاح عن رغبته في التخلي عن قيادة الحزب إثر شعوره بعدم القدرة على إدارة شؤون الحزب والحفاظ على مكتسباته السياسية وكذا العجز عن كبح جماح قواعد الحزب وقياداته الوسطية من التأثر بالفعل الثوري الحوثي إما سلبا أو إيجابا، وهو ما دفعه مؤخرا إلى الإعلان عن ضرورة تغيير قيادة الحزب في أكثر من مناسبة في العلن كما وراء الكواليس.

وتأثر الاشتراكي اليمني كثيرا بالتحرك الحوثي منذ البداية، وانضوى العديد من قياداته الوسطية ومن أعضائه بالحركة الحوثية، بحثا عن المصالح المادية، وربما تعبيرا عن عدم رضاهم عن قيادتهم الحزبية أو انتقاما من خصومهم السياسيين الذين اعتبروهم استأثروا بالسلطة وأقصوا كل ما له علاقة بالاشتراكي اليمني.

أما حزب التجمع اليمني للاصلاح فكان الأكبر الذي تعرض بشكل مباشر وغير مباشر للضربات الحوثية القاتلة، والتي كادت أن تقضي عليه لولا صمود قيادته وأعضائه في وجه التيار الحوثي المسلح، الذي اقتحم العاصمة صنعاء بمبرر تدمير مكامن القوة لدى حزب الاصلاح.

قاوم حزب الاصلاح في البداية، لكنه شعر أنه لا مجال لمقاومة المسلحين الحوثيين الذين يحاربون بمقومات الدولة، وبأجهزتها ومؤسساتها العسكرية والأمنيىة، في ظل تواطئ واضح من قبل النظام القائم الذي استسلم للحوثيين لأسباب غير معروفة حتى الآن، ولا يوجد لها مبرر سوى الخيانات التي حصلت في المؤسسة العسكرية والأمنية واستمرار ولائها للنظام السابق المتحالف مع الحوثيين لاسقاط صنعاء والتي أسهمت وسهّلت عملية السيطرة على العاصمة صنعاء ومعها ضرب حزب الاصلاح، الخصم اللدود للحوثيين كما لنظام صالح، والذي يتهمون بالوقوف وراء الثورة الشعبية في 2011 التي أطاحت بنظام صالح.

وتعرض حزب الاصلاح إلى أقسى أنواع القمع والتدمير لمقراته ومساكن قياداته وأعضائه في العاصمة صنعاء والعديد من المحافظات الأخرى التي اقتحمها الحوثيون، ولذا اضطر حزب الاصلاح قبل أيام إلى إعلان فتحه قناة تواصل مع انصار الله (حركة الحوثي) دون الكشف عن طبيعة الاتفاقات التي يسعون للتوصل اليها مع الحوثيين، رغم أن المتابعين لوضعه يؤكدون أنه لجأ للتهدئة مع الحوثيين لوضع حد لعمليات الانتقام المتواصلة ضد الاصلاحيين وضد المصالح الاصلاحية.

وخلق هذا التواصل المفاجئ بين حزب الاصلاح وحركة الحوثي شرخا كبيرا في أوساط أعضاء حزب الاصلاح، بين مؤيد ومعارض، بين من يرى أن هذه الخطوة ضرورية لوضع حد للمزيد من إراقة دماء الاصلاحيين ووقف ملاحقتهم، فيما يرى البعض الآخر المتحمس أن فتح قناة للتباحث مع الحوثيين قد يعني إعطاء الشرعية للانتهاكات ضد الاصلاح وضد البلد بشكل عام، والاستكانة لهم بشكل قد يؤثر على المستقبل السياسي للحزب.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن