آخر الاخبار

مسؤولة أمريكية تفضح المستور:نجري مناقشات مباشرة مع مليشيات الحوثي بشكلٍ دوري مفاجأة صادمة..داخل جيش العدو الصهيوني بعد الإيعاز بالاستعداد لمعركة رفح.. هذا ما فعله 30 جندياً البحرية البريطانية :حادث جديد قبالة سواحل جنوب شرقي اليمن سلطة الحوثيين في مأزق.. تحرك جديد لنادي القضاة في صنعاء بشأن رفض المليشيات إطلاق سراح القاضي المعارض عبد الوهاب قطران وزير الداخلية يزور مقر الأكاديمية العسكرية العليا بعدن ويشيد بأدوارها في تأهيل الضباط للمرة الثالثة..الشيخ حميد الأحمر رئيسا لرابطة برلمانيون لأجل القـدس في أول رد على الاساءات التي طالت الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. بن عبود يطالب قنوات العربية والحدث وmbc بالاعتذار ويوجه انتقادا لقيادات حزب الإصلاح مطار إسطنبول يحقق انجازا دوليا جديدا ويتصدر قائمة مطارات أوروبا عاجل : الإمارات تحذر من منخفض جوي ..  وعاصفة شديدة خلال الايام القادمة مصر تكشف عن خسائر مالية مهولة لإيرادات أهم مضيق بالعالم بسبب توترات البحر الأحمر

الدلالات والبواعث الأمنية والسياسية لتفجير "مساجد الحوثيين"

الأربعاء 25 مارس - آذار 2015 الساعة 06 مساءً / مأرب ب برس - سلمان العماري
عدد القراءات 3215
                    

بوقوع أكثر من انفجار وعملية تفجير تزامن تنفيذها ووقوعها في شمال وجنوب العاصمة صنعاء، الذي طال مساجد محسوبة على جماعة "أنصار الله" الحوثيين يوم أمس الأول الجمعة، يمكن القول إن اليمنيين أريد لهم الدخول في مربع الصراع المفتوح، الذي يتعدى الخلاف السياسي إلى الصراع العسكري، المجتمعي المناطقي الطائفي المذهبي "الاستئصالي"، في سياقات بنيوية مجتمعية وثقافية فكرية ايدلوجية، الذي يتجاوز في جزره ومده الخلافات والحلول السياسية، إلى مضاعفة تجسير الهوة بين اليمنيين، ورقعة مساحة الصراع وإطالة أمده وتمتينه.

على أن هذا المنحى من الصراع الذي أريد دفع اليمن واليمنيون له، يواجه رفضاً وصدوداً منقطع النظير من عامة مكونات الشعب اليمني وأطرافه المجتمعية والدينية والسياسية، ويفتقر في الواقع إلى وجود الأرضية لإحلاله، كون اليمنيون جميعاً قد قصروا وحصروا خلافاتهم وصراعاتهم في الإطار السياسي فقط، ونأوا بأنفسهم جميعاً من الانجرار والوقوع في خلافات وصراعات خارج هذا الإطار، رغم المحاولات المستمرة لجرهم إلى مربع العنف والصراعات العسكرية، والمناطقية ،والطائفية المذهبية .

وعلى الرغم من مجيء حادثة تفجير هذه المساجد المحسوبة على جماعة "أنصار الله " الحوثيين، بهدف دفع اليمنيين وأطرافه السياسية للدخول في مربع هذا الصراع والايحاء بانزلاقهم في أتونه، فإن ثمة شواهد عديدة لا حصر لها تدحض هذه القراءة الظاهرة والمقصودة للحادثة، التي تحول قطعاً دون تحقيق حاجة المنتفعين ورغبة الضالعين في التخطيط والتنفيذ لها، وتأكيد سلامة وطهارة المجتمع والشعب اليمني .

فقد سبق حادثة التفجير هذه حوادث مماثلة طالت مساجد عديدة لأهل السنة في اليمن، وجرى الاستهداف للكثير من الرموز والهيئات ودور القرآن والمراكز والمدارس والمؤسسات الخدمية والتعليمية والجمعيات الخيرية التي يشرف عليها وترعاها الحركة الإسلامية " الإخوان المسلمون"، الذين اشتهروا بحزب التجمع اليمني للإصلاح" وإخوانهم " السلفيون" بمجموع مكوناتهم في مناطق مختلفة من اليمن، دون أن تدفعهم هذه الحوادث والتفجيرات للرد عليها بالمثل والدخول في مربع هذا الصراع الآسن، بل آثروا السلامة والانسحاب باكراً دون ولوج مربع هذا الصراع والتصادم الذي قدروه مع حالة سياسية قذرة تم تصعيدها للمشهد، وليس بكونه مع طرف وخصم سياسي يمكن التعاطي معه ومواجهته، وكون أطراف هذا الحالة السياسية ليس لهم صلة بالدين والمذاهب والقيم والمبادئ والأخلاق .

ولذا ليس بمستغرب مجيء حادثة التفجير هذه التي طالت مؤخراً مساجد محسوبة على جماعة "أنصار الله " الحوثيين، وتزامن وقوعها في شمال وجنوب أمانة العاصمة صنعاء، ضمن حالة التفجير والتدمير السابقة والممنهجة وإفراز وإنتاج الحالة السياسية العدمية، التي مثلتها في الواقع أطراف انتقامية ولفيف وخليط من الانتهازيين والبرجماتيين الذين سلكوا منهج العصابات وخرجوا عن عادات وتقاليد المجتمع اليمني، ومردوا على السياسية والقيم والمبادئ والأخلاق والحوار، وتصدروا المشهد العام في اليمن بنشر المليشيات المسلحة في المدن، واستخدام القوة وفرض شرعية الأمر الواقع، والسيطرة على مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والمدنية.

ويعزز من احتمالية فرض هذا التقدير وترجيحه في الجملة شواهد عديدة، بالنظر من زوايا مختلفة إلى أبعاد حادثة التفجير الأخيرة التي طالت المساجد المحسوبة على جماعة "أنصار الله " الحوثيين، وأهدافها وتوقيتها ومدلولاتها وبواعثها، والطرف المستفيد منها والمسؤول عنها، والظروف التي يراد تهيئتها وخلقها والظروف التي ساهمت فعلياً في وقوعها، على أن بواعث ودلالات التفجير في المحصلة هي بوابة الفهم ونقطة الوصول لمعرفة الفاعل والمستفيد والغاية والهدف .

وليس من السهولة بمكان معرفة وإدراك بواعث ودلالات استهداف المصلين وتفجير المساجد المحسوبة على جماعة "أنصار الله "الحوثيين في اليمن، مالم يكن لدى الباحث والكاتب والقارئ والمراقب إلمام حقيقي بالمشهد السياسي اليمني وأطرافه، وعلى إطلاع واتصال دائم بمايجري ويدور فيه من صراعات وأحداث وتحولات على مدار الساعة، وقد خلص الباحث وكاتب السطور الذي وجد نفسه منجذباً للمشهد ومنقطع كلية عن القيام بشؤون حياته وأهله لمتابعة ما يجري، في عملية تحقيق وسبر أن بواعث تفجير مساجد جماعة "أنصار الله" الحوثيين في أمانة العاصمة صنعاء ليست مجتمعية ولادينية ، بل أمنية سياسية .

ولذلك لم يأتي نفي "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب "،الموسوم بالتطرف والتشدد في هذا السياق صلته وعلاقته بالتفجيرات التي استهدفت مسجدين في العاصمة صنعاء من فراغ وبصورة عفوية، الإليؤكد في الواقع رجحان الدوافع الأمنية والسياسية للتفجيرات، ونزع الباعث المجتمعي والديني والطائفي المذهبي عنها، عدا حالة الاستنكار الجمعي العام في اليمن التي أعقبت الحادثة وردود الفعل من كل الأطراف المجتمعية والتيارات الدينية والأحزاب السياسية، التي نددت صراحة بالتفجيرات واستهداف المساجد، بمافي ذلك خصوم جماعة " أنصار الله" الحوثيين، الذين تعرضت مساجدهم ومساكنهم للتفجير والتدمير، رفضوا غير مرة التخريج الطائفي والمذهبي للصراع والخلاف السياسي معهم .

وبالنسبة لبيان التبني، الذي أشيع في بعض وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية، الذي نسب فعل التفجير والحادثة لـ ما يسمى بـ تنظيم الدولة "داعش " ولاية اليمن ليس معتبر وذي قيمة، ومجيئ وورود هذا البيان في صفحة اجتماعية على موقع توتير لا يعدو عن كونه بياناً مزوراً وظني الدلالة، عدا كون ما يسمى بـ تنظيم الدولة "داعش " ليس له تواجد على أرض اليمن، علاوة على تباين محتوى البيان ومفرداته وبيانات تنظيم الدولة ومجيئه هزيلاً وركيكاً حد البلاهة، فضلاً عن كون استهداف المساجد ليس في قاموس تنظيم الدولة " داعش " وأخواتها من جماعات الجهاد والقتال في الإطار السني، واستبعاد المتحدث باسم البيت الأبيض "جوش إيرنست " أن يكون منفذي الهجمات ينتمون لتنظيم الدولة الإسلامية، نافياً وجود علاقة واضحة بين الأشخاص الذين نفذوا الهجمات ومتشددي الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.   

وكان من اللافت عقب حادثة وقوع التفجير في المساجد المحسوبة على جماعة "أنصار الله " الحوثيين، التي سقط فيها مئات القتلى والجرحى المدنيين، بروز مدلولاتها وعناوينها الأمنية والسياسية في التحركات العسكرية على الأرض التي أنجزها تحالف التفجير والتدمير على الفور قبل أن تجف دماء الضحايا في اختراق قوات ومسلحي "الرئيس السابق صالح وحلفائه الحوثيون" محافظة تعز وسط اليمن والوصول إلى مدينة لحج الواقعة على حدود عدن، وتوجيه أصابع الاتهام جزافاً للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، للنيل منه وتحريض الشعب اليمني عليه، لا لكونه ضالع صراحة في عملية التفجير للمساجد، ولكن لعدوله عن الاستقالة وعودته رئيساً شرعياً للبلاد، وهذا مالم يروق لهم لكونه أفقد شرعية سيطرتهم على مؤسسات الدولة بقوة السلاح .

عدا مجيء حادثة التفجير في ظل تصاعد حدة الصراع السياسي والتجاذب المحلي والإقليمي والدولي، الذي أفرز عملية الإسقاط لنموذجي العراق وسوريا من الصراع الدائر في المنطقة، وإحلاله في اليمن، والذي أتى متزامناً مع حضور إيران وتدخلها الفعلي والملاحظ في المشهد السياسي اليمني ،وامتعاض إيران وحلفائها الدوليين وفي المنطقة من الدور الذي لعبته المملكة العربية السعودية ودول الخليج في اليمن، وماجرى من أحداث مؤخراً في مدينة عدن جنوب اليمن، التي أفضت في نهاية المطاف إلى سقوط مقر قيادة القوات الخاصة المحسوبة علي الرئيس السابق صالح والحوثيين حلفاء إيران، في يد قوات الجيش الموالية للرئيس هادي وحلفائه .

كماتأتي حادثة التفجير للمساجد، في ظل سخونة المشهد السياسي اليمني، وحالة التنازع القائمة بين الأطراف اليمنية على الإقرار بشرعية الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي وتسمية نائب أو نواب له من كل الأطراف أو نواب يمثلون المناطق، وفي الذهاب إلى تشكيل مجلس رئاسي أو للحوار والتفاوض في العاصمة الرياض، الذي يجري الترتيب لانعقاد مؤتمره في غضون الأيام المقبلة، بهدف الحيلولة دون انعقاده وإقامته .

ويمكن قراءة وقوع أحداث التفجير للمساجد أيضاً، من زاوية هدف المخططين والمنفذين لها، التي ترمي في المحصلة إلى دفع وتحفيز جماعة "أنصار الله " الحوثيين وحلفائهم وقواتهم العسكرية ومسلحيهم لغزو مدينة عدن وإسقاط شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي والقضاء عليها مع سقوط محافظتي تعز ومأرب الباقية من شمال اليمن في أيديهم، كمبرر وغطاء لهم ،ورداً على تدخلات دول الخليج كما يسمونها وهزيمتهم التي تلقوها الأيام الماضية في عدن ،والتفجيرات التي طالت مساجدهم في العاصمة صنعاء .

 ومن غير المستبعد في هذا السياق ضلوع أجهزة مخابراتية عالمية ومحلية وفق ما ذهب إليه أمين عام حزب الحق حسن زيد المقرب من الحوثيين في تناوله للحادثة على صفحته الاجتماعية، وفي هذا الإطار تدخل إيران وحلفائهم الأمريكان، وجماعة " أنصار الله "الحوثيين وحلفائهم، الرئيس السابق صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام في حادثة تفجير المساجد المحسوبة على جماعة "أنصار الله" الحوثيين، كون العاصمة صنعاء تحت سيطرتهم، ومؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والعسكرية والمدنية واقعة تحت أيديهم، كماأن الاتهامات التي ساقها الناطق الرسمي باسم جماعة "أنصار الله" الحوثيون، ومتحدثون باسم الجماعة قد توزعت يميناً وشمالاً، على أن تلك الاتهامات لا تعفيهم من طائل المسؤولية الأمنية والأخلاقية . 
* كاتب وباحث يمني، متخصص في شؤون الحركات والجماعات الإسلامية .

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن