تفاصيل الاتفاقيات الجديدة بين الرياض وابوظبي وبنود السبع المبادرات الاستراتيجية بين السعودية والامارات

الخميس 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2019 الساعة 06 مساءً / مارب برس - الشرق الاوسط
عدد القراءات 4145

 

 

عقدت السعودية والإمارات الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق المشترك الذي استضافته العاصمة الإماراتية أبوظبي، وترأسه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والذي شهد تبادل 4 مذكرات تفاهم واستعراض 7 مبادرات استراتيجية.

وتتضمن المبادرات السبع كلاً من التأشيرة السياحية المشتركة، تسهيل انسياب الحركة بين المنافذ الجمركية، استراتيجية الأمن الغذائي المشتركة، الأمن السيبراني، العملة الرقمية المشتركة، مشروع المصفاة العملاقة الجديد، ومجلس الشباب السعودي - الإماراتي.

ونتج من الاجتماع تأكيد السعودية والإمارات في توجهات مشتركة على أن يكون اقتصادهم المشترك من أكبر 10 اقتصادات في العالم، في الوقت الذي تصل الاستثمارات الخارجية حالياً نحو 250 مليار دولار في قطاعات اقتصادية مختلفة، حيث تعد صناديق البلدين الاستثمارية في المركز الأول عالمياً. ويستهدف البلدان رفع الاستثمارات لأن يكونا من أكبر عشر دول تستثمر عالمياً، إضافة إلى أن تكون أسواقهما المالية تتعدى 720 مليار دولار، وتكون من أكبر عشر أسواق مالية عالمياً.

وأكد الأمير محمد بن سلمان، أن مجلس التنسيق يعد منصة نموذجية لتحقيق رؤى القيادتين نحو تعميق التعاون وتعزيز التكامل بين البلدين في مختلف المجالات بما يخدم مصالح شعبيهما الشقيقين ويعمّق روابط الأخوة التي تجمع بينهما.

وقال الأمير محمد «نستذكر همم الرجال الذين بدأوا مسيرة التنمية التي نرقى بها اليوم إلى آفاق جديدة، إن العلاقات المتينة بين قيادتي البلدين وشعبيهما مبنية على أسس راسخة وتاريخية من التعاون والسياسات المشتركة تجاه شؤون المنطقة والعالم وقضاياهما».

وأضاف: «إن عمق العلاقات بين البلدين انعكس بشكل جلي من خلال انسجام رؤية مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي مع الاستراتيجيات الوطنية للبلدين، وتكامل (رؤية السعودية 2030) و(رؤية الإمارات 2021) اللتين تستهدفان تحقيق الريادة والرخاء الدائمين لشعبيهما وبناء الأمل وتعزيز التقدم في المنطقة».

وأشار الأمير محمد إلى أن عام 2020 هو عام الإنجازات الدولية، وقال: «نحن على أعتاب احتضان فعاليات دولية كبيرة وصلنا لها بعد تخطيط وعمل وجهد متواصل... فرئاسة السعودية لمجموعة العشرين خلال عام 2020 واحتضان الإمارات لمعرض (إكسبو 2020) هما خير دليل على ما تحظيان به من مكانة دولية مرموقة»، وأضاف: «إنه في هذا المجلس نستهدف تحقيق نموذج استثنائي من التعاون المشترك يُبنى على مكامن القوة للبلدين، وروح العزيمة والريادة التي يحظى بها شعباهما».

من جهته، رحب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالأمير محمد بن سلمان، قائلاً: «لعل أفضل ما أبدأ به الحديث عن العلاقات بين الإمارات والسعودية هو كلام والدنا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - عندما سئل عن السعودية، فقال (دولة الإمارات هي مع السعودية قلباً وقالباً، ونؤمن بأن المصير واحد، وعلينا أن نقف وقفة رجل واحد، وأن نتآزر فيما بيننا)»، مشيراً إلى «أن هذه الكلمات المختصرة للشيخ زايد - رحمه الله - كانت معبرة وسابقة للزمن، ورسمت علاقات تاريخية واستراتيجية بين البلدين، ظهرت وتأكدت في مواقف كثيرة وعديدة على مر العقود الماضية».

وأكد ولي عهد أبوظبي، أن تشكيل مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي بتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، جاء ترجمة لهذه العلاقات الوطيدة، وهدفاً لجعلها أكثر قوة وصلابة، وبناء مستقبل مشرق للبلدين.

وقال ولي عهد أبوظبي، إن «الإنجازات والنتائج الإيجابية الكبيرة التي حققها مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي على أرض الواقع، تثلج الصدور وتبعث على الارتياح»، مشيراً إلى أن المجلس أطلق خلال الفترة القصيرة الماضية مبادرات نوعية لتحقيق رفاهية شعبي البلدين، ولدينا اليوم 20 مجالاً تنموياً مشتركاً في مجال الاقتصاد والأمن والتنمية البشرية وغيرها.

وأضاف الشيخ محمد بن زايد: «اقتصادنا المشترك يحتل المرتبة السادسة عشرة عالمياً، ويمكننا أن نعمل ليصبح اقتصادنا معاً من أكبر 10 اقتصادات في العالم... كما تتعدى استثماراتنا الخارجية حالياً 250 مليار دولار في قطاعات اقتصادية مختلفة، وصناديقنا الاستثمارية تعد في المركز الأول عالمياً، وسنرفع من استثماراتنا لنكون من أكبر عشر دول تستثمر عالمياً، وأسواقنا المالية تتعدى 720 مليار دولار، ونسعى لأن نكون من أكبر عشر أسواق مالية عالمياً».

وأكد، أن هذا النموذج الفريد من نوعه في التكامل لا يعود بالنفع فقط على الدولتين، بل يقود قاطرة التعاون الخليجي، ويقدم نموذجاً استثنائياً للتعاون العربي – العربي، ويضع البلدين في مكانة متميزة على خريطة التحالفات العالمية.

وأشار ولي عهد أبوظبي إلى أن العلاقات بين الإمارات والسعودية، ليست علاقات تاريخية واستراتيجية فحسب، وإنما هي علاقات دم ومصير مشترك، وضع أسسها الراسخة الشيخ زايد وإخوانه ملوك المملكة - رحمهم الله - وقال: «إن هذه العلاقات تعيش أزهى عصورها على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية وغيرها بفضل حكمة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإرادتهما».

وأضاف «عملنا خلال السنوات الماضية على إحداث تحول استراتيجي نوعي في علاقاتنا الثنائية، وسنستمر في السير على هذه الطريق نحو بناء مستقبل أفضل يحقق الأمن والازدهار والتنمية الشاملة لبلدينا وشعبينا، ونتطلع لتحقيق مزيد من النمو والتطور للتعاون الاستراتيجي بين بلدينا، وبما يعود بالفائدة على أمن واستقرار المنطقة».

وقدم ولي العهد السعودي الدعوة إلى دولة الإمارات لتحل ضيف شرف على قمة مجموعة العشرين المقبلة التي تتولى المملكة رئاستها، في حين استعرض الاجتماع أعمال المجلس وسير العمل، واقتراح مجالات تعاون جديدة لاعتماد مجموعة من المبادرات والمشاريع التي تصبّ في تحقيق أمن الشعبين ورخائهما، بجانب عرض المبادرات والإنجازات التي تحققت على مستوى القطاعات ذات الأولوية.

كما استعرض المبادرات والإنجازات التي تحققت خلال دورة المجلس الأولى التي تمثلت في 7 مبادرات استراتيجية، هي التأشيرة السياحية المشتركة، وتسهيل انسياب الحركة بين المنافذ الجمركية، واستراتيجية الأمن الغذائي المشتركة، والأمن السيبراني، والعملة الرقمية المشتركة ومشروع المصفاة العملاقة الجديد، إضافة إلى مجلس الشباب السعودي - الإماراتي.

وجرى خلال الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي - الإماراتي استعراض عدد من المبادرات الاستراتيجية في عدد من المحاور الأولوية، التي تأتي بعد أشهر من العمل المشترك بين اللجان التكاملية المنبثقة من اللجنة التنفيذية، لتتبلور كمبادرات يحقق من خلالها المجلس الاستغلال الكامل لطاقات وموارد البلدين بما يعزز التعاون والارتقاء بمصالح الشعبين الشقيقين، حيث تضمنت هذه المبادرات أولاً التأشيرة السياحية المشتركة، وذلك من خلال التعاون بين الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة مع وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات على إصدار تأشيرة سياحية مشتركة للمقيمين في البلدين عند الوصول، وبما يسهم في زيادة الحركة السياحية بينهما وتعزيز مساهمة السياحة في الاقتصاد الوطني للبلدين.

كما تضمنت المبادرات ثانياً تسهيل انسياب الحركة بين المنافذ الجمركية، حيث تعمل الهيئة العامة للجمارك في السعودية مع الهيئة الاتحادية للجمارك في الإمارات على تسهيل انسياب الحركة في المنافذ والتي من شأنها تعزيز التعاون الجمركي لانسيابية الحركة التجارية في المنافذ الجمركية بين البلدين، حيث أسهمت المبادرة بعد إطلاقها في خفض «مدة الفسح الجمركي» من 14 ساعة في عام 2018 إلى 4 ساعات في عام 2019، على أن يتم تقليص هذه المدة خلال السنوات المقبلة.

ثالث تلك المبادرات تتمثل في استراتيجية الأمن الغذائي المشتركة، حيث تهدف هذه المبادرة إلى توثيق العمل بين الدولتين في مجال الأمن الغذائي لضمان التغلب على التحديات الغذائية التي تواجه البلدين بصورة خاصة والمنطقة بصورة عامة، حيث سيتم من خلال التعاون المشترك العمل على توفير غذاء آمن ومستدام، وبأسعار مناسبة للجميع وفي الظروف كافة.

رابعاً، تهدف مبادرة الأمن السيبراني إلى تعزيز الأمن السيبراني لدى البلدين، ودعم توفير فضاء سيبراني موثوق لكل بلد يمكن من خلاله تقديم خدمات وتعاملات إلكترونية آمنة، حيث سيعمل التعاون بين البلدين على دعم جهودهما في الوقاية من الهجمات السيبرانية التي تستهدف البلدين وتخفيف أضرارها، خاصة الأضرار الكبيرة التي يحتمل حدوثها نتيجة للهجمات السيبرانية وفي مجالات متعددة، مثل الأضرار الاقتصادية والأضرار السياسية وغيرها، حيث من المتوقع أن يكون لهذا التعاون أثر إيجابي كبير نتيجة تفادي تلك الأضرار المحتملة.

وكانت المبادرة أسهمت خلال المرحلة الماضية في خفض الهجمات السيبرانية مقارنة بإجمالي الهجمات السيبرانية على القطاعات الحساسة بنسبة 55 في المائة، حيث أدى هذا الانخفاض إلى توفير 257 مليون درهم مقارنة بعام 2018، وانخفاض المدة اللازمة للاستجابة للهجمات السيبرانية من 24 ساعة بحد أقصى، إلى 6 ساعات، وانخفاض المدة اللازمة للتعافي من الهجمات السيبرانية بنسبة 25 في المائة؛ مما وفّر أكثر من 500 ألف درهم يومياً لكل هجمة، وازدياد وعي الجهات والأفراد بالتهديدات السيبرانية بنسبة 30 في المائة.

خامس تلك المبادرات تتمثل في العملة الرقمية المشتركة، حيث تم إصدار عملة رقمية إلكترونية بشكل تجريبي ومحصور التداول بين عدد من بنوك البلدين؛ وذلك بهدف فهم ودراسة أبعاد التقنيات الحديثة وجدواها في تعزيز الاستقرار المالي، ومعرفة مدى أثرها على تحسين وخفض تكاليف عمليات التحويل وتقييم المخاطر التقنية وكيفية التعامل معها، إلى جانب تأهيل الكوادر التي ستتعامل مع تقنيات المستقبل، وفهم متطلبات إصدار عملة رقمية تُستخدم بين دولتين، بالإضافة إلى إيجاد وسيلة إضافية لنظم التحويلات المركزية في البلدين، وإتاحة المجال أمام البنوك للتعامل مع بعضها بعضاً بشكل مباشر لتنفيذ التحويلات المالية.

وشملت المبادرة السادسة مشروع المصفاة العملاقة الجديد، حيث يتم بناء مصفاة جديدة لتكرير النفط الخام بطاقة استيعابية تبلغ 1.2 مليون برميل نفط في اليوم متكاملة مع مجمع حديث للبتروكيماويات بتكلفة تقديرية مبدئية تبلغ 70 مليار دولار في ولاية ماهاراشترا في غرب الهند، لتعمل على تأمين توريد ما لا يقل عن 600 ألف برميل يومياً من النفط الخام السعودي والإماراتي للسوق الهندية مع نسبة مرتفعة من التحويل للكيميائيات.

وتستهدف المبادرة تأمين منافذ مخصصة لمبيعات النفط الخام السعودية والإماراتية في السوق الهندية للتكرير والبتروكيميائيات، ومن خلال المشاركة في مشروع تطوير المصفاة ومجمع البتروكيماويات لإنتاج وقود النقل الموافق لأحدث المواصفات الفنية العالمية «البنزين، وقود الطائرات، والديزل»، إضافة إلى مجموعة من المنتجات الكيميائية التي تستهدف بشكل رئيسي السوق المحلية الهندية المتوقع نموها بشكل مطرد في العقود المقبلة، مع إمكانية تصدير فائض المنتجات للأسواق العالمية.

وسابع تلك المبادرات تتمثل في مجلس الشباب السعودي - الإماراتي، حيث تأتي مبادرة إنشاء مجلس الشباب السعودي - الإماراتي تعزيزاً للشراكة بين الشباب في البلدين، وتبادل الأفكار بينهم، وتنسيقاً للجهود الرامية إلى رفع القدرات بما يؤدي إلى استثمار طاقاتهم وإمكاناتهم في تنمية المجتمع، وسيعمل المجلس على تمكين الشباب من الإسهام والمشاركة بفاعلية في وضع التصورات التنموية المستقبلية وتشجيعهم على تطوير المبادرات الإنمائية لمواجهة تحديات المستقبل، وقد تم إطلاق منصة تفاعلية ودليل استرشادي يُوضح آلية عمل مجلس الشباب السعودي الإماراتي وأهدافه، وإعداد تقرير ربع سنوي عن أداء المجلس، وإيصال أفكار الشباب إلى متخذي القرار في البلدين.

كما تبادل الجانبان - تزامناً مع الاجتماع - أربع مذكرات تفاهم جديدة في مجالات الصحة والثقافة والفضاء والأمن الغذائي؛ بهدف تكثيف الجهود وتكاملها وإيجاد حلول مبتكرة لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتوفرة، والوصول إلى الأهداف التنموية لكلا البلدين.

والمذكرات التي تبادلها الجانبان هي مذكرة تفاهم في المجال الصحي تبادلها الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، وعبد الرحمن بن محمد العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع بالإمارات.

ومذكرة تفاهم في المجال الثقافي تبادلها كل من الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة في السعودية، ونورة الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، ومذكرة تفاهم في مجالات الفضاء تبادلها محمد بن مزيد التويجري وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي والدكتور أحمد بالهول الفلاسي وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، ومذكرة تفاهم في مجالات الأمن الغذائي تبادلها كل من محمد التويجري وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، ومريم المهيري وزيرة دولة المسؤولة عن ملف الأمن الغذائي المستقبلي.