آخر الاخبار

مصر تكشف عن خسائر مالية مهولة لإيرادات أهم مضيق بالعالم بسبب توترات البحر الأحمر اجتماع عربي إسلامي بالرياض يطالب بعقوبات فاعلة على إسرائيل ووقف تصدير السلاح إليها الشيخ  محمد بن راشد يعلن بناء أكبر مطار في العالم بكلفة 35 مليار دولار العليمي: ''ندعم جهود اطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن لكن الوصول حاليا الى سلام صعب'' جريمة ''بئر الماء'' في مقبنة تعز وأسماء الفتيات الضحايا.. بيان حقوقي يطالب بردع الحوثيين والتعامل معهم بحزم هيئة كبار العلماء السعودية تنبه إلى ''حالة لا يجوز فيها الحج بل ويأثم فاعله''! أمطار غزيزة في الأثناء مصحوبة بعواصف.. بدء تأثيرات الحالة المدارية التي تضرب محافظات شرق اليمن رغم التطورات في البحر الأحمر.. واردات الوقود والغذاء الواصلة الى ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين ترتفع بنحو 30% دولة أفريقية تعطل إبحار أسطول الحرية التركي نحو غزة بـضغوط إسرائيلية محمد صلاح ينفجر غضبًا ويقرر الرحيل إلى هذا العملاق الأوروبي

الحديدة ..مدينة السلام المجاني تختزل تداعيات سنوات الأزمة والحرب في اليمن

الأحد 10 مارس - آذار 2024 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس_ تحقيق :عادل أحمد علي الصلوي
عدد القراءات 5330

 

تحقيق :عادل أحمد علي الصلوي

 

على الرصيف المحاذي لكورنيش الحديدة اعتاد "عبده عطا" الطفل التهامي البالغ من العمر 13 عاما من العمر ان يقف لساعات في أجواء حاره مشبعة بالرطوبة حاملا في يديه حزمة من عقود الفل التي امتهن بيعها منذ عامين لمساعدة أسرته الفقيرة التي فقدت عائلها في أحداث عنف شهدتها المدينة مطلع العام 2011م حيث أصيب والده برصاصة في صدره أثناء مشاركته في مسيرة احتجاجية تصدرتها الشعارات المطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبدالله صالح في ذروة ما عرف بثورات الربيع العربي التي شهدتها العديد من الأقطار العربية والتي خلصت في الحالة اليمنية وبعد عدة أشهر من التصعيد الشعبي إلى أحداث تغيير قسري في هرم السلطة الحاكمة في اليمن ، لكن هذا التغيير الطارئ والغير مسبوق في التاريخ السياسي اليمني المعاصر لم يتجاوز مجرد تراجع الرجل الأول في البلاد الذي انفرد بالسلطة المطلقة لأكثر من "33 " عاما خطوة الى الوراء خارج مربع السلطة الرسمية لتنزلق اليمن لاحقا في منحدر من الاضطرابات ودوائر العنف المتعاقبة التي لم تتوقف حتي اليوم حيث لايزال التوصل لتسوية سياسية تعيد البلاد الى مربع التهدئة والاستقرار المنشود مستعصيا .

 

فداحة التداعيات التي افرزتها حالة اللاستقرار التي لاتزال ماثلة بضلالها القائمة على واجهة المشهد الاجتماعي اليمني تختزلها مدينة " الحديدة " غربي اليمن التي تنفرد عن سائر المدن اليمنية الأخرى بكونها الأكثر وداعة بين المدن اليمنية وبساطة في تركيبتها السكانية حيث توقف الطفل "التهامي عبده عطا " عن توزيع عقود الفل وابتساماته البريئة على مرتادي الكورنيش ليتحول الى مجند في صفوف ميلشيا "انصار الله الحوثيين" التي تسيطر على مركز المحافظة وأجزاء واسعة من الحديدة منذ أكتوبر العام 2015م .

 

الحديدة ..المدينة المسالمة تتصدر واجهة الثورة:

 

كمدينة مسالمة طالما عرفت بانحيازها للخيارات الأقل كلفة في التعبير عن تفاعلاتها الاحتجاجية برزت مدينة الحديدة في مطلع العام 2011م في هيئة مغايرة حيث بدت وكأنها تخلت عن مخاوفها الكامنة لتعيد صياغة حضورها الإنساني والاعتباري منذ الـ 11 فبراير / شباط 2011م كواحدة من أكثر المدن اليمنية قدرة على اجتراح الصمود في مواجهة آلة أمنية وعسكرية ما انفكت تتصدي بالقمع المسلح لمسيرات احتجاجية سلمية وضعت الحديدة على صدارة الساحات الثورية الأكثر تعرضا للعنف المفرط الذي تحول الى جزء من يوميات دامية تتداخل فيها صرخات البسطاء بدوي طلقات الرصاص الحي ومشاهد الاختناق تأثرا بالغازات السامة .

 

واعتبرت دعاء عبدالله احمد سالم وهي احد الناشطات الحقوقيات الشابات بالحديدة " أن الاحداث التي شهدتها اليمن في مطلع العام 2011م فرضت تداعيات قاتمة لاتزال تداعياتها قائمة حتي اليوم ابتداء بانتكاسة الثورة الشبابية والشعبية في تحقيق واقع التغيير المنشود ومرورا بالتغير الذي طرأ على موازين القوي في المحافظات الشمالية عقب مقتل الرئيس الأسبق " علي عبد الله صالح " في مطلع شهر ديسمبر 2017م وانتهاء بتحول الحديدة وسواحلها الجنوبية أهمية عسكرية كبيرة مركزا انطلاق لهجمات قوات "انصار الله الحوثيين" في البحر ومسرحا لعمليات عسكرية بحرية ضد السفن التجارية المتجهة للموانئ الإسرائيلية وهو ما تسبب في نعرض مواقع عدة في المدينة المسالمة لقصف جوي غير مسبوق نفذته طائرات أمريكية وبريطانية .

 

وأشارت الناشطة الحقوقية الشابة الى أن " الثورة على النظام السابق مثلت ردة فعل شعبية استمدت حيثياتها الوجيهة من استشراء خارطة الفساد والمحسوبية وتردي البنية التحتية والخدمية والارتفاع المضطرد لظاهرة البطالة التي يرزح تحت وطأة تداعياتها النفسية والمعيشية ما يزيد عن " 53 بالمائة من إجمالي شريحة الشباب في اليمن القادرين على العمل وازدياد رقعة الفقر لتشمل ما يزيد عن نصف سكان البلاد البالغ تعدادهم " 23" مليون نسمة ألا أن ذات الثورة تكتسب في الحديدة بعدا إنسانيا وتراجيديا إضافيا جعل من تصاعد الفعاليات الاحتجاجية المطالبة بإسقاط النظام الحاكم أشبة " بتعبير جماعي عن رفض الظلم ومناهضة ثقافة الانكفاء وإطراق الرؤوس في مواجهة أنماط فاحشة من الفساد والاستقواء بالنفوذ لنهب الحقوق ومصادرة الملكيات العامة والخاصة الأمر الذي حول الحديدة خلال سقف زمني لا يتجاوز العشر السنوات الأخيرة إلى مجرد مسرح مفتوح تبرز فيه الدولة كطرف متواطئ مع " ثلة من حيتان " الفساد " الذين تصدرت أسمائهم " قائمة سوداء " فيما عرف بملف مافيا نهب الأراضي بالحديدة" .

 

"جمال حسن احمد الاهدل"ناشط حقوقي بارز في الحديدة شارك كغيرة من العديد من الناشطين في الفعاليات الشعبية الاحتجاجية التي شهدتها ساحة " التغيير " بوسط المدينة في العام 2011م والمطالبة بالتغيير السياسي في هرم السلطة الحاكمة في اليمن وقد تسبب تصدره للنخب الحقوقية الناشطة في الساحة في تعرضه للاعتقال في مايو من ذات العام قبيل أن يطلق سراحه بعد ثلاثة اشهر ليتعرض لحادث مروري احيطت ملابساته بالكثير من الشكوك وهو ما تسبب في اصابته باعاقة دائمة حرمته من المشي مجددا على قدميه .

  غارات جوية أمريكية وبريطانية غير مسبوقة على الحديدة

ويري" جمال الأهدل" أن " ثورة البسطاء في الحديدة على النظام القائم لم تكن مجرد نوع من التضامن والتعاطف مع الشباب الثائرين في المدن الأخري بل ردة فعل شعبية متأخرة على ما تعرضت له المدينة من عمليات نهب منظم من قبل نافذين كبار في السلطة الذين استغلوا نفوذهم ومناصبهم الرسمية الرفيعة في تقنين جرائم فساد فاحشة وصارخة ارتكبت على مرأى ومسمع من الدولة التي لم تحرك ساكنا حيال محاسبة المتورطين في ملف كقضية مافيا نهب الأراضي بالحديدة رغم ما نشرته الصحف المختلفة عن حالات فساد ونهب لمساحات شاسعة من الأراضي وصل إلى حد حيازة مسئولين رفيعين اثنين في الدولة لقطع أراضي تبلغ مساحتها مجتمعة ما يعادل مساحة دولة كالبحرين كما لم تحرك الدولة ساكنا إزاء الاستشراء اللافت للفساد في المحاكم والأجهزة الأمنية في المدينة التي تحولت الى سبب إضافي لمعاناة وعذابات الناس ..ببساطة الثورة في الحديدة هي محاولة متأخرة لاستعادة الاعتبار ".

 

رصيف الكفاف !

 

على رصيف الكفاف يعيش معظم سكان الحديدة الذين يتصدرون قائمة الفقراء في اليمن ويعتاش الكثير منهم على صيد السمك أو العمل في حرف متعلقة بالصيد كصناعة الزوارق البدائية والشباك اليدوية وبالرغم من حيازة سواحلها المترامية الإطراف على ما يقدر بنصف موارد البلاد من الثروة السمكية ألا أن مظاهر الفقر والبؤس تبدوان جزء من مشهد يوميات مترعة بصنوف شتي من المعأناة وشظف العيش يتقاسمها سكان المدينة الذين ارتبط حضورهم في الذاكرة الشعبية اليمنية بكاريزما التهامي البسيط المنحدر من بيئة مسالمة تنبذ ثقافة العنف تراجع فيها الحضور والتمثيل الاعتباري للدولة أمام سطوة "الشيخ" ومراكز القوي الاجتماعية المتسلطة التي تنامي نفوذها خلال السنوات الأخيرة في البيئة الاجتماعية التهامية كنتاج لسياسات حكومية مجحفة استمرئت التغاضي المتعمد عن الإيفاء بالتزاماتها ازاء الانتصار لحقوق الفئات الاجتماعية المهمشة في مواجهة صلف النافذين ومظاهر الإفتئات الصارخة للحقوق العامة والخاصة في وادي تهامة الذي انحاز بغالبية قاطنيه البسطاء الى صف الثورة الناشئة ضد النظام تماما كما مثلت ذات الثورة متنفسا لتفريغ شحنات الكبت والغضب الناجم عن تراكم قهر مزمن وحالة غير مبررة من البؤس الحاد فرضتها تداعيات مثلث الفقر والفساد والتهميش الحكومي حيث تختزل " الحديدة " كحالة غير متفردة من تراكم إفرازات تلك التداعيات في جزء من أحيائها الناشئة حديثا وتحديدا في منطقة السلخانة " التي تحولت الى تجمع للبشر وأكوام القمامة وصنادق الصفيح الساخن وأشياء عديدة لا تقبل التسمية .

 

اتفاق "ستوكهولم..تداعيات انقسام المدينة:

 

اسهم توقيع الأطراف اليمنية المتنازعة في العام 2018م اتفاق "ستوكهولم" في فرض التهدئة النسبية في مناطق التماس بين قوات "انصار الله الحوثيين" والقوات المشتركة التي شكلت حديثا بدعم إماراتي وتوقف معركة الساحل الغربي لكنه ما يزال يقسِّم محافظة "الحديدة " إلى قسمين الامر الذي تسبب في مضاعفة معاناة السكان جراء انحشارهم بين ما يشبه "المطرقة والسندان".

 

ويروي الحاج " حسن عبدالله الجمالي " والبالغ من العمر " 60 " عاما بصوت متهدج بعض أوجه المعاناة التي بتكبدها سكان الحديدة جراء الانقسام القائم في المحافظة بالقول " حياة الانسان في الحديدة بلا ثمن او قيمة لدى الأطراف المتصارعة لقد فقدت قبل عامين أحد ابنائي الذي قتل في انفجار لغم ارضي وقد تركني أشقائه الثلاثة وسافروا للاغتراب في السعودية لم استطع الاعتراض لاني اتفهم دوافعهم لم تعد هذه المدينة آمنه والتنقل بين مناطق تحت سيطرة الحوثيين وأخرى تحت سيطرة القوات المشتركة اصبح اشبه بمجازفة يومية ".

 

الهروب من جحيم الأوضاع المتردية في الحديدة للاغتراب في دول مجاورة كالسعودية وبعض دول الخليج الأخرى اصبح بمثابة طوق النجاة للكثير من العائلات التي اضطرت الى تشجيع أبنائها على الاغتراب .

 

ويؤكد الدكتور " مطهر العباسي " وهو خبير اقتصادي يمني بارز أنه "خلال فترة الحرب 2015-2022، تضاعف عدد المغتربين في السعودية عما كان عليه الوضع قبل الحرب، فبيانات الإحصائيات السكانية في السعودية لعام 2022، تبين أن حجم العمالة الوافدة من اليمن بلغ 1.8 مليون شخص ويمثلون 13.5% من مجموع الوافدين الأجانب، وتأتي الجالية اليمنية بالمرتبة الرابعة بعد الهند وبنجلاديش وباكستان، ويرجع ذلك إلى السياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة السعودية لمعالجة وتصحيح الأوضاع القانونية لإقامة المغتربين اليمنيين، إضافة إلى فتح المجال لجذب العمالة اليمنية من الشباب رغم إرتفاع تكاليف التأشيرات ورسوم الإقامات وغيرها، ويمكن القول أن تحويلات المغتربين، خلال فترة الحرب ساعدت في الحفاظ على استقرار سعر الصرف للريال اليمني، وخاصة في المحافظات الشمالية ذلك أن نسبة عالية من المغتربين ينحدرون من تلك المناطق والتي تشكل قرابة ثلثي السكان".

 

ويشير الدكتور " العباسي " الى أن الهجرة إلى السعودية، في الوقت الراهن، انتشرت بين أوساط الشباب المؤهل تعليميا والحاصلين على مؤهل الثانوية أو الجامعة، وفتحت مجالا أمام الشباب الباحث عن فرص العمل ولم تتوفر له بالداخل وخاصة أثناء الحرب، وهذا مؤشر لنوعية الطلب على القوى العاملة في السوق السعودي أو الخليجي بشكل عام، وهذا يتطلب من الجانب الحكومي اليمني أن يتخذ سياسات وإجراءات تهدف إلى تحسين وتطوير جودة التعليم في مراحله المختلفة، وخاصة التعليم الجامعي، حتى تكون مخرجات المؤسسات التعليمية ملبية لمتطلبات سوق العمل المحلي والإقليمي، فالاقتصاد السعودي، مثلا، لديه خطط مستقبلية طموحة، وتحتاج، بالتأكيد، إلى القوى العاملة المؤهلة والمدربة من فئة الشباب. ولذلك، يعول على هذه الشريحة من الشباب اليمني أن تكون قادرة على اكتساب المهارات الفنية والتقنية حتى تساهم بشكل فعال في النشاط الاقتصادي والتجاري، محليا وإقليميا، ويكون لها دور فاعل في تحسين مستوى الدخل والمعيشة ورفد الاقتصاد الوطني عبر التحويلات النقدية إلى الداخل اليمني.

 

واعتبر الدكتور " العباسي إلى " إن معاناة المغترب اليمني لا تنتهي بمجرد مغادرته لليمن والوصول الى السعودية حيث يواجه تحديات صعبة للعمل في السوق السعودي، منها نظام سعودة الوظائف، أي منع الوافدين من ممارسة العمل في وظائف معينة والتي تزداد وتتغير كل فترة وأخرى، إضافة إلى الرسوم الباهظة للإقامة، وخاصة إذا رافق المغترب الزوجة والأولاد، فتصبح تلك الرسوم كابوسا تؤرقه وتستنزف كل مدخراته، والأمل معقود على صانعي القرار بالسعودية لإعادة النظر في الوظائف المسموحة للوافد اليمني، وأيضا في رسوم الإقامة وتخفيفها أو إلغائها على المغترب اليمني، بحكم عوامل الجوار والترابط الاجتماعي والثقافي بين المجتمع اليمني والسعودي".

 

تحذيرات من كارثة المجاعة :

 

يعمل " عبده نماري " منذ عدة سنوات مديرا عاما للتمريض بمستشفى الثورة بمدينة الحديدة وهو أحد الأصوات المرتفعة التي حذرت من تداعيات خطيرة تتهدد سكان المدينة وبخاصة الأطفال جراء الارتفاع المتزايد لحالات الإصابة باعراض سوء التغذية حيث يؤكد " نماري" أن اثنين إلى ثلاثة أطفال من بين كل عشرة في محافظة الحديدة يموتون بسبب إصابتهم بـسوء التغذية الوخيم، وهي درجة أسوأ من سوء التغذية الحاد، وأشار "عبده نماري" إلى عجز المؤسسات الصحية عن مواجهة هذه الكارثة..كما يعاني أكثر من 16 ألف طفل من سوء التغذية في مدينة الحديدة، وكان هؤلاء الأطفال يتلقون العلاج عبر مشروع صحي تنفذه منظمات دولية، لكن مع تدهور الأوضاع واندلاع الحرب مطلع 2015 توقف المشروع، وبات المستفيدون منه مهددين بالخطر.

 

 واعتبر " نماري " أن تفشي سوء التغذية بين أطفال الحديدة يرجع إلى موجة الجوع ومحدودية المساعدات الإغاثية والطبية المقدمة من المنظمات الطبية والإغاثية، وأضاف أن ذوي العشرات من الأطفال بالمديريات البعيدة والقرى النائية لا يستطيعون إسعاف أبنائهم حتى يفارقوا الحياة بسبب فقرهم مؤكدا أن وحدة العلاج المخصصة لاستقبال الأطفال المصابين بسوء التغذية لا تتحمل العدد الكبير من الأطفال المصابين بـ"سوء التغذية الوخيم" وهي الدرجة الأقصى من مراحل سوء التغذية، وفيها يموت الطفل إذا لم يتم إسعافه.

 

وأفاد بأن حجم الغذاء تقلص لدى أكثر من 90% من السكان، وأوضح أن "بعض السكان كانوا يأكلون الحد الأدنى من الغذاء، لكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية واستمرار الحرب أصبحوا لا يأكلون إلا وجبة واحدة فقط في اليوم".

 

تفاقم واسع للأوضاع الإنسانية :

 

توقعت شبكة الإنذار المبكر في احدث تقرير صادر عنها حول الأوضاع الإنسانية في اليمن أن تكون نسبة السكان في اليمن الذين سيحتاجون لمساعدات غذائية عاجلة بين 50 - 55 في المائة في فبراير(شباط) 2024، أي أكثر من 17 مليوناً، وهي أعلى نسبة من بين 22 دولة تخضع للمراقبة في نظام الشبكة. وحذرت الشبكة من أن أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن تجعله يتصدر قائمة 22 بلداً حول العام تعاني من الأزمات الغذائية.

 

وطبقا للتقرير، سيشهد اليمن في 2024 انتشاراً واسعاً لانعدام الأمن الغذائي "وفق المرحلة 3 من التصنيف المتكامل"، وهي مرحلة «الأزمة» التي تعاني فيها الأسر من فجوات في استهلاك الغذاء وزيادة في سوء التغذية الحاد على المعتاد. وعزا التقرير الأسباب إلى محدودية خيارات سبل العيش وأسعار المواد الغذائية الأساسية فوق المتوسطة.

 

من جهتها أوضحت لجنة الإنقاذ الدولية في تقرير حول مراقبة الطوارئ السنوية الصادر عنها مؤخراً، أن اليمن لا يزال هذا العام ضمن قائمة تلك الدول الأكثر عرضة لخطر حالات الطوارئ معتبرة أن خروج اليمن من المراكز الأولى للقائمة يأتي نتيجة انخفاض عدد الأشخاص الذين بحاجة للمساعدات من 21.6 مليون في 2023 إلى 18.2 مليون عام 2024، غير أن السبب الرئيسي هو أن الهدنة الأممية، ورغم انتهاء صلاحيتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، قللت من احتمالات العودة إلى صراع واسع النطاق في البلاد.

 

ولفت التقرير إلى أن عقداً من الصراع أدى إلى انهيار اقتصاد البلاد بشكل كبير وانتشار الفقر على نطاق واسع، وأن الحرب دمرت الاقتصاد وأضعفت العملة ورفعت أسعار السلع الأساسية، كما أن وجود اقتصادين متوازيين أدى إلى تعطيل وظائف الاقتصاد الكلي الأساسية، بالإضافة إلى أن انخراط الحوثيين في حرب غزة قد يؤدي إلى فرض عقوبات إضافية من شأنها أن تزيد من إضعاف الاقتصاد".

 

وبحسب التقرير فإن نظام الرعاية الصحية في اليمن على حافة الانهيار، بحسب التقرير، حيث يفتقر 60 في المائة من السكان (20.3 مليون شخص) إلى الرعاية الصحية، و46 في المائة من مرافق الرعاية الصحية إما خارج الخدمة أو تعمل جزئياً، وأدى الانخفاض الجزئي لمعدلات التطعيم وارتفاع مستويات سوء التغذية وصعوبة الحصول على المياه النظيفة إلى انتشار العديد من الأمراض والأوبئة في مناطق يمنية متفرقة؛ منها الحصبة والحصبة الألمانية والكوليرا وشلل الأطفال، وغيرها.

 

ودعت لجنة الإنقاذ الدولية إلى تكثيف الجهود الدولية لمواجهة أزمة الجوع وسوء التغذية في اليمن واتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الأرواح، وسد الفجوات التمويلية التي تعانيها البرامج الإنسانية حتى تتمكن من تلبية الاحتياجات الأساسية لملايين المحتاجين في البلاد.

 

وكان تقرير دولي آخر صادر عن البنك الدولي أكد أن الحرب الدائرة في اليمن منذ تسع سنوات، وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية الكارثية، زادت عدد الذين يعانون من الجوع في البلاد بأكثر من 6 ملايين شخص.

 

*صحفي يمني

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن