ليس من الغريب أن يُعقد النكاح بغياب أحد الزوجين أو كلاهما أحيانا، إذ يضطر بعض الأزواج للتغيّب عن المراسم الشرعية التي يتم خلالها الإيجاب والقبول بحضور مأذونٍ شرعي، مستعيضين عن أنفسهم بوكلاء ينوبون عنهم. لكن الغريب أن تقام مراسم الزواج كاملةٍ – بما فيها حفل الزفاف – دون وجود العروسين!

في الواقع، قد يبدو ما يعرفه الأميركيون بـ «الزواج بالوكالة» فكرةً ممتازة بالنسبة لبعض المخطوبين القلقين، لدرجة أنَّهم لا يصدقون وجودها: إذا كانت هناك حقاً مثل تلك الطريقة السهلة لتجنب ضغط وضجيج احتفالات الزفاف، فهل يلجأ الجميع إليها؟ الزيجات التي لا يتواجد بها أيٌ من العروسين هي حقيقة وتحدث في كل الأوقات

ووفق ما ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية، فقد أصدرت مؤخراً ديبي هاوارد الممثلة البريطانية السابقة وصانعة الأفلام الوثائقية الحاصلة على عدة جوائز، الفيلم الأول عن ثنائي أميركي يُدير عملاً مزدهراً للزواج بالوكالة من منزلهما الريفي في مقاطعة فلاتهيد بولاية مونتانا. يروي فيلمها الذي حمل اسم Absent from Our Own Wedding القصة الغريبة للزوجين المتقاعدين توم وتيريزا كينيدي، اللذين يعقدان نحو 500 زواجاً سنوياً نظير رسم قدره 750 دولاراً، دون حتى أن يلتقيا عروساً خجولة أو عريساً أنيقاً.

مونتانا هي الولاية الأميركية الوحيدة التي تُشرّع الزواج بالوكالة، ويعتقد الزوجان كينيدي أنَّ عملهما التجاري الذي يحمل اسم Armed Forces Proxy Marriages يقدم خدمة نافعة للأزواج الذين ليس بمقدورهم الترتيب لوجود العروس والعريس معاً يوم زفافهما. ويقول توم كينيدي، «اكتشفتُ هذا القانون بالصدفة، والآن نحب فقط فعل ذلك، ونرغب في أن نستمر (في عملنا). لا نفعل ذلك لأجل المال. حالتنا المادية جيدة، لأنَّ تيريزا كانت سمسارة في البورصة، وعملتُ أنا في الخدمة العامة نحو 25 عاماً، بما في ذلك فترة طويلة في إدارة الإطفاء».

متى بدأ هذا القانون؟
ويوضح توم أنَّ قانون مونتانا الغامض ذاك يعود إلى ستينيات القرن الـ 19، وكان في بادئ الأمر طريقةً لمساعدة عمال المناجم من الرجال، مضيفاً: «جميع النساء كن يقطنَّ بالساحل الشرقي، وكان يعتقد أنَّه من غير اللائق جلبهن إلى مجتمعات التعدين الذكورية والقاسية للزواج». تقف تيريزا (56 عاماً) أثناء عقد القران داخل الكنيسة دائماً موضع العروس أو العريس، فيما يأخذ زميل دور الشريك الآخر. ويتولى توم في كثيرٍ من الأحيان مهمة إجراء مراسم الزفاف. في الماضي، كان الزواج بالوكالة متاحاً في مونتانا لأي شخصٍ في أي مكانٍ بالعالم قدم طلباً ليتزوج بالوكالة، لكن منذ 10 سنوات تغير القانون. الآن لكي يجرى الزواج بالوكالة يتحتم أن يكون الثنائي من قاطني مونتانا، أو يخدمان في الجيش. وقال توم (66 عاماً): «خارج مونتانا سمع قليلون جداً بهذا الأمر. إنَّه مجهول للغاية، وحتى المسؤولون الفيدراليون لا يعلمون شيئاً عنه. الحقيقة هي أنَّه في مونتانا لستَ بحاجة لأن تكون قاضياً لتزويج الأشخاص. عليك فقد أن تبدو عاقلاً أمام أولئك الحاضرين في ذلك الوقت. يمكنك حتى عقد قرانك». صُوَّر فيلم ديبي الوثائقي الذي أنتجته شركة بيغ بودا فيلمز في مونتانا العام الماضي، ويُعرَض حالياً على قناة «Real Stories» على موقع يوتيوب، التي تعرض الأفلام الوثائقية الحائزة على جوائز.