بحوث التنمية الاقتصادية يحذر من تفاقم ظاهرة تسرب الطلاب من المدارس للالتحاق بسوق العمل والمعسكرات

الإثنين 24 سبتمبر-أيلول 2012 الساعة 07 مساءً / مأرب برس/ خاص
عدد القراءات 7072
 
  

حذر تقرير صادر عن «مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية» من تفاقم ظاهرة التسرب من التعليم، خلال العام الدراسي الجاري، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية، والظروف المادية المتردية التي تعاني منها معظم الأسر اليمنية.

وأشار التقرير إلى أن نصف السكان في اليمن لا يحصلون على الطعام الكافي، وإلى أن معدل البطالة يتراوح بين 50 إلى 60 بالمائة، مؤكدا بأن من شأن هذا أن يثقل كاهل الأسر اليمنية، التي لم تعد معظمهما قادرة على توفير الغذاء الكافي لأبنائها، وتجد صعوبة بالغة التعقيد في توفير المستلزمات المدرسية، فضلا عن المصاريف النقدية اليومية لأبنائها، الأمر الذي يدفع بعض الأسر إلى إخراد أبنائها من المدارس، والزج بهم في سوق العمل لمساعدتها في توفير متطلباتها الأساسية، وهو ما يشكل تحديا خطيرا يفاقم من أعباء البلد اقتصاديا واجتماعيا.

التسرب من التعليم.. قصص تروى

«صالح حمادي».. شاب في مقتبل العمر، وهو الأبن الأكبر في عائلته التي تسكن في منطقة السنينة بأمانة العاصمة، وقد اضطرته الظروف المادية المتردية لأسرته بعد وفاة والده إلى ترك المدرسة، وهو في الصف الأول الثانوي، من أجل العمل في مصنع للبلاط.

أكمل صالح تعليمه الأساسي بتفوق، ومع بداية العام الدراسي 2010م، فقدت عائلته معيلها الوحيد، فتدهورت حالتها المادية، وتراكمت الديون عليها، وأصبحت مهددة بالطرد من المنزل الذي تقيم فيه، جراء عجزها عن تسديد الإيجار.

اضطر صالح إلى ترك المدرسة والعمل في مصنع للبلاط، كي يوفر لإخوانه ما عجز عن توفيره لنفسه من الاستمرار في المدرسة.

وجد صالح في بداية عمله صعوبات في توفير الأموال اللازمة لسد الحاجيات الأساسية لعائلته، وأصبحت متطلبات أخواته الأربع للالتحاق بالمدرسة كابوسا يؤرقه، فجميعهن بحاجة إلى الدفاتر والأقلام، ورسوم التسجيل في المدرسة، والزي مدرسي، ومصاريف التنقل إلى المدرسة.

ورغم كل ما عمله صالح من أجل استمرار إخوانه في المدرسة، باءت محاولاته بالفشل، إذ أنه فقد العمل بعد توقف المصنع عن العمل بسبب الأحداث والصراع الذي حدث عام 2011، فاضطر أخوه حسن لترك المدرسة جراء عدم توفر المصاريف الكافية له، وهرب من المنزل مع بعض أصدقائه ولم يعد، أما أخواته فقد انشغلن في المنزل والبعض منهن يعملن في بعض منازل الحي مقابل أجرة توفر لهن لقمة العيش، وسداد الإيجار، باستثناء أخته انتصار التي لا زالت مصممة على مواصلة الدراسة، رغم أنها تذهب إلى المدرسة بحقيبتها الممزقة وبقايا دفاترها المقطعة من الأعوام الماضية.

أطفال يتركون المدارس ويلتحقون بالمعسكرات

وأشار التقرير إلى أنه ونتيجة الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعيشه الأسر اليمنية، غادر الكثير من الطلاب مدارسهم والتحقوا بالمعسكرات في سن الطفولة، حيث انتشرت ظاهرة تجنيد الأطفال لاستخدامهم في الحروب مقابل الراتب الذي يحصلون عليه، كما انتشرت ظاهرة عمالة الأطفال بشكل غير مسبوق.

وأكد التقرير بأن هذه الظاهرة تتضح بجلاء من خلال ملاحظة الطلاب المتسربين من التعليم، الذين تحولوا إلى باعة في الأرصفة والشوارع وفي الجولات، وممتهنين للتسول، ومحاسبين في الباصات، وباعة القات، وبعضهم يعملون في المطاعم وورش النجارة والحدادة وغيرها.

واستنكر التقرير عدم إدراج هذه المشكلة ضمن برامج وأولويات الدولة والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني.

وناشد مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنظمات المحلية والدولية والتجار ورجال الأعمال إلى تقديم المساعدات للأسر والطلاب، لكي يتمكن الطلاب من مواصلة الدراسة، وأكد بأن التربية أداة لأعداد جيل اليوم لعالم الغد، وبأنها حجر الزاوية لنهضة المجتمع للسعي نحو التقدم والتطور، فالتربية تشكل عقول الأجيال وتنمي لديهم قيم العمل والخير والسلوك الاجتماعي والعدل والديمقراطية والحرية وجميع القيم الفاضلة التي تحول الكائن البشري إلى كائن اجتماعي ومواطن صالح.

وكشف التقرير بأن الطالب يحتاج إلى حوالي 300 إلى 4000 ريال على الأقل لتجهيزه بالمستلزمات والاحتياجات المدرسية، وأن الأسر اليمنية تحتاج إلى ما لا يقل عن 24 مليار ريال على الأقل لتجهيز ستة ملايين طالب وطالبة بالمستلزمات الدراسية.

كما كشف التقرير بأن أغلب المدارس الحكومية تعاني من الكثافة الطلابية داخل الفصول الدراسية ويبلغ متوسط عدد الطلاب في كل غرفة دراسية في مرحلة التعليم الأساسي بأمانة العاصمة حوالي 123 طالبا/ طالبة، وفي تعز حوالي 103 طالبا/ طالبة، وفي عدن حوالي 93 طالبا/ طالبة، بينما في شبوة وأبين ومأرب والمهرة حوالي 34-37 طالبا/ طالبة.

وأوضح التقرير بأن إجمالي عدد الطلاب في التعليم الأساسي والثانوي بلغ 4.97 مليون، يمثل الذكور 58 %، والإناث 42%، فيما بلغ عدد طلاب المرحلة الثانوية 575 ألف طالب/ طالبة، يمثل الذكور 63%، والإناث 37%، ويبلغ عدد طلاب المرحلة الأساسية 4.4 مليون طالب/ طالبة، يمثل الذكور 50%، والإناث 50% لعام 2009/2010م.

وبحسب المحافظة فقد مثلت أربع محافظات هي (تعز، إب، أمانة العاصمة، الحديدة) ما يقارب 50% من إجمالي عدد الطلاب، حيث مثلت أعلى نسبة في الجمهورية محافظة تعز 15%، يليها إب 13%، ثم أمانة العاصمة 10%، والحديدة 9%، وجاءت ذمار، وحجة، وصنعاء، وحضرموت، ولحج، وعمران 7%، 6%، 6%، 5%، 5%، 4%، وأخذت المحافظات الأخرى بين 1-3%.

وبلغ إجمالي عدد المدرسين في التعليم الأساسي والثانوي 202 ألف طالب، يمثل الذكور 74%، والإناث 26%، وبلغت نسبة المدرسين الذكور في المرحلة الأساسية 75%، والإناث 25%، فيما بلغت نسبة المدرسين الذكور في المرحلة الثانوية 77%، والإناث 23%.

وبحسب المحافظة مثلت محافظة تعز أعلى نسبة في الجمهورية في عدد المدرسين 14%، ثم إب 10%، وأمانة العاصمة 9%، والحديدة 9%، وذمار، وحجة، وصنعاء، وحضرموت، ولحج، وعمران 6%، 5%، 5%، 6%، 6%، 4%، وأخذت المحافظات الأخرى بين 1-3%.

وبحسب التقرير فقد بلغ إجمالي عدد المدارس التعليمية في المرحلتين الأساسية والثانوية 14.7 ألف مدرسة، وبلغت عدد المدارس المختلطة 13.4 ألف مدرسة، وبلغت عدد مدارس الإناث 1.1 ألف مدرسة، وعدد مدارس الذكور 1.2 ألف مدرسة، فيما بلغت عدد المدارس الثانوية 325 مدرسة، والأساسية 11.8 ألف مدرسة، ومدارس التعليم الأساسي/ الثانوي 3.5 ألف مدرسة.