الشاعر/ علي بن العباس (ابن الرومي)ابن الرومي
حياته:
اسمه علي بن العباس بن جريج أو جوريس، لقبه ابن الرومي وكنيته أبو الحسن ، هو مولى لعبيد الله بن عيسى بن جعفر ابن المنصور أحد الأمراء العباسيين ، ولد في بغداد وبها نشأ وقيل أنه مات مسموماً في بغداد ودفن في مقبرة البستان،ولئن بخس المؤرخون حق ابن الرومي فلم يعنوا بجمع أخباره إلا أن شعره جاء بتاريخ صادق لحياته ، وصورة ناطقة بأخلاقه وصفاته ، فإذا أردت حقيقة نسبه فهو رومي من ناحية أبيه، وفارسي من ناحية أمه، أما ولاؤه فكان عباسياً
ويدل شعره كثيراً على أنه عاش مضعوفاً مهيناً وحالفه الشقاء ونكد الطالع، وخذله أصدقاؤه وابتعدوا عنه، وأقصاه الملوك ولم يقربوه، فعاش خاملا ، مضطهداً متنقصاً ضيق الرزق، وأصيب بأولاده الثلاثة وزوجته وأمه وأخيه
وقد اختلف في تاريخ وفاته إلا أهقد أخب في شعره أنه بلغ الستين عاماً لذلك أجمع المؤرخون على أنه توفي مابين سنة 283هـ و284هـ
صفاته وأخلاقه:
يصف الرومي في كثير من مواضع شعره بأنه كان في صباه جميل الوجه ، أبيض اللون، أسود الشعر، حسن القامة معدولها ولكن ما لبث كل ذلك أن زال فاصفر وجهه وتجعد رأسه وتقوس ظهره وضعف سمعه وبصره ووهنت قواه ونحل جسمه واستدق، وهو إلى ذلك دقيق الحس عصبي المزاج ، موسوس ضعيف العقل ، متشائم ، متطير.
ومن صفاته الحسنة إنه كان صادق المودة لأصحابه محباً لأولاده وأهله عطوفاً على الفقراء والمساكين.
آثاره:
ابن الرومي شعر كثير رواه عنه المسيبي، ورتبه الصولي على الحروف، وجمعه أبو الطيب
وبقي شعره متفرقاً في كتب الأدب حتى قام بعض الأدباء من مصر فعنوا بطبعه ونشره، وعني بدراسته جماعة ، منهم عاس محمود العقاد قفد وضع كتاباً خاصاً بهز ولابن الرومي بقايا في النثر تميزت بحسن الأسلوب يجري به بلغاء الكتاب.
مدحه:
لم يمدح ابن الرومي من الخلفاء الذين عاصرهم إلا المعتضد وليس له فيه شيء يعتد به لأنه لم يحظ عنده وكنه مدح جماعة منالوزراء والأمراء فوفق لشيء من الإجادة على أن مدائحه فيهم لم تكن لتغنيهم من فقر لأنهم لم يحسنوا صلاته ولم يقربوا مكانه ولم يكن له من ظرف اللسان وحميد المخالقة ورجحان العقل ما يحببه إلى الأمراء فيرغبوا في مجالسته ومنادمته.
هجاؤه
لابن الرومي شهرة في الهجاء لما امتاز به من جمال التصوير، فإن هجاءه لا يقتصر على القذف والطعن والسخر بل يتعداه إلى وصف أخلاق المهجو وتصوير أشكاله.
قد يرجع السبب إلى أنه كان محروماً، وأنه كان دقيق الحس ينفر من الأشياء التي لا تلائم طبعهوكان أيضاً شديد الطيرة يتوهم النحس في الأشخاص فهجا كل من تطير به .
رثاؤه:
لم يكن لابن الرومي من الرثاء ما يستحق الذكر إلا الذي قاله في أولاده وزوجته وأمه وأخيه .
أحسن مراثيه كانت قصيدة في ولده الذي مات منزوفاً وهو لم يزل طفلاً، وابن الرومي على تقلبه لا يرثي فقيده إلا مرة ، وقد يرجع هذا إلى تقلب طباعه واضطراب مزاجه وسرعة تنقله من حال إلى حال.
غزله:
ليس لشاعرنا غزل كثير، ويغلب على غزل ابن الرومي وصف القينة والساقي ومجلس لهوه وتجد هذا الغزل في صدر أهاجيه كما تجده في صدر مدائحه.
وصفه:
الوصف عند ابن الرومي أخص ميزة يعرف بها فهو من أي النواحي آتيه تجده وصافاً بارعاً ومصوراً دقيقاً، وفي شعره أوصاف جديدة لم يسبقه إليها أي شاعر، استمدها من حياته وتأثرات نفسه ، وأحب ابن الرومي الطبيعة ولا سيما طبيعة الربيع فاتصل بها وجعل منها شخصاً حياً، ويمتاز وصفه في الاسترسال والتبسط ، ودقة النظر ، فإنه حريص على إظهار الأشياء دقيقها وجليلها متفنن في إبرازها وتصويرها ، وكثيراً ما يتتبع المعنى ويستقر به حتى يستتمه ويستوفيه ويظهره على حقيقته لا غلو فيه ولا تمويه.
* ابن الرومي أشغف الشعراء بالطبيعة وألوانها يتصل بها ويعيش معها ويحسها احساساً قوياً ى، ولكن ليس لشعره على الإجمال ديباجه لأن انصرافه إلى توليد واستخراجها من أبعد قراراتها ثم اهتمامه باستيفائها وشرحها مما جعله همل اللفظ فما يحفل به واهماله اللفظ جعله لا يحتفل بالزخرف والتزويق فاقتصد في استعمال البدي ، وفي طلب التشابيه والاستعارات فعرف له منها شيء قليل ولكنه رائع ، وأجوده ما جاء من التشابيه بصورة المركب التمثيلي فإنه غاية في الإبداع، وأكثر من استعمال الغريب لطول نفسه، كما يرى إن المدح تسقط قيمته قيمته إذا سلكت إليه القوافي السهلة ، لاقتداره على ضروب الكلام ، فإن تضلعه من اللغة جعله ينتقي اللفظ المؤدي حقيقة المعنى، ولو كان غير مأنوس وكثيراً ما يعمد إلى تحليل الألفاظ والتلاعب بمعاني مشتقاتها فيغث بيانه وينضب ماؤه.
وعلى الجملة فإن ابن لرومي يعتبر أطول الشعراء نفساً ، وأكثرهم اختراعاً للمعاني واستيفاءً لها وأبرع من صور الأخلاق والصفات ، وأصدق مؤرخ لحياته في ملذاته وأفراحها ، ولئن أهمله عصره لقد كان على الرغم من عصره في طليعة الشعراء المولدين.
ومضة إبداع غير متصل رد مع اقتباس
عدد المقالات: 1
قراءة: 58,301 | المعدل: 58,301
التعليقات: 0 | المعدل: 0
العنوان
القسم
قراءة
الأوامر