45 عاماً من حركة 26 سبتمبر... ماذا بعد ؟
بقلم/ د: عبدالله الشعيبي
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 3 أيام
الأحد 23 سبتمبر-أيلول 2007 04:03 م

مأرب برس – بريطانيا – خاص

على الطريقه المصريه وبدعم مصري تمكن مجموعه من الشباب الضباط في الجيش اليمني بقيادة الضابط الشاب المغدور علي عبد المغني من تنظيم انفسهم والقيام بحركه انقلابيه على سلطة بيت حميد الدين في صبيحة 26سبتمبر 62م وشاءت المقادير البشريه ان يختفي معظم هولاء الضباط بحوادث دمويه مخططه من رفاق الحركه ومن ركبوا موجة الحركه .. ويجب الاعتراف أنه لولا الدعم المصري لما انتصرت الحركه ذات المبادئ السته التي لم تتحقق حتى اللحظة كونها لازالت تتردد ومرفوعه وكأنها قدر مكتوب علينا الى مالانهايه . .. وما حصل في صنعاء لم يكن بعيداً عن ماحصل في عدن من عمليات اقصاء دمويه .

 عمليات التقييم المتتاليه للحركه كانت تتم بشكل مزاجي ومتخبط من قبل الحكام المتعاقبين على حكم البلد منذ ُقيام الحركه ... فتلك العمليات (التقييم) لم تناقش ابداً اين اخفقت واين اصابت الحركه او الثوره وهل هي ثوره أم حركه ؟ 

ومتى تحقق كل هدف وماهو البديل لذلك الهدف ؟ فالاهداف السته لم تتحدث عن دولة النظام والقانون ... والواقع يقول أننا لازلنا في مرحلة الثوره والتثوير الى مالانهايه ... والجميع يعرف ان مرحلة الثوره تظل غير مستقره كونها تعيش دائماً في حالات الشك والريبه وسط صفوفها وبينها وبين الامه .

 ومن هنا تبرز الضروره الحتميه لعملية الانتقال من مرحلة الثوره والتثوير الى مرحلة الاستقرار والبناء وهذا لن يتم الا في ظل وجود دولة النظام والقانون ومما يثير فينا العجب والشجن هو أسباب الخوف من وجود تلك الدوله الضامنه للتطور والنماء المتوازن وتحقيق العداله والمساواه وتثبيت منهج الديمقراطيه وعمليات انتقال السلطه بشكل سلمي .

 لقد تعبت الامه من العيش في ظل سياسات التهييج والتثوير وكذلك تخويف الامه من مخاطر المؤامرات الخارجيه على الثوره ومنجزاتها رغم ان تلك المؤامرات لايمكن لها ان تتحقق الا في ظل ضعف مقومات الامه وغياب دولة النظام والقانون ... 45 سنه والامه تعيش مرحلة الحفاظ على الثوره ومنجزاتها وايضاً عصر المؤامرات الداخليه والخارجيه وكلما وقع انقلاب في بنيان الثوره كلما كال المنقلبون السباب والشتائم والتهم على من سبقوهم واعتبروهم من الخونه والمعرقلين لتحقيق اهداف الثوره . .. وانقلاب يلي انقلاب ونظرية التفسير الدموي مستمره ومسيطره بكل قوه على حركة الحكم والامه مما يقود الى تضاؤل مفاهيم ومقومات البناء الحقيقي والمتوازن . .. والله حرام أن تظل الامه محتاره في تحديد تطلعاتها وخائفه من المجهول لو أنهم انطلقوا نحو بناء دولة النظام والقانون ... والله حرام أن تستمر تضحيات الامه دفاعاً على الثوره والمستفيدين من الثوره قله او شله ... الاف بل ملايين من البشر قدمتها الامه قرباناً للثوره والنتيجه ان مستوى دخل الفرد يتجه نحو الدرك الاسفل عاماً بعد عام .

 الاختلاف في ظل الثوره يعتبر نقمه رغم ان الثوره ترفع شعارات الحريه واحترام حقوق الانسان وتلك كارثه بكل ماتعنيه الكلمه من كارثه ... وأن تكون معارض للثوره او محايد منها تعتبر جريمه وعقابها الاعدام او التشرد وكأنه لابد ان يكون الجميع مع الثوره هكذا من غير أحم او دستور ... فكيف يمكن الوثوق بحياة الناس لمجرد الاختلاف عن الثوره؟ .

 الثورات في اليمن باتت نقمه مما يستدعي الناس الى الترحم على عهود ماقبل الثوره ففي عهود الثورات أنقلبت الايه فالمتثورين اصبحوا من اغنى اغنياء العالم رغم أنهم كانوا قبل الثوره من افقر الناس ومع انهم اصبحوا اغنياء فهم لا يعرفون كيف يستخدمون ثرواتهم التي سرقوها من ثروات الامه من دون حساب وعقاب ... وليتهم يجيدون استثمارها في تطوير امكانيات البلد والامه كتكفير عن ما ارتكبوه من نهب لحقوق الاخرين .

 الامم من حولنا تسير نحو الامام وبخطى واثقه بينما اليمن لازالت تستجدي من الاخرين وبعضهم نالوا استقلالهم وحريتهم بعد قيام الثورات اليمنيه بعقد او عقدين ولو بحثنا عن السبب سنجد ان السبب يكمن في المتثورين والحكومات المتعاقبه على حكم اليمن منذُ 1962م أذن هل يحق للامه ان تبحث في الداء والدواء ام انها من المحرمات الثوريه المقدسه ؟... في ظل الثوره اصبح كل شئ يتعلق في الثوره من المقدسات بينما حقوق وحريات الافراد والمجتمع من المباحات لمؤسسات الثوره ومتثوريها ... وهنا يحق للثوره ان تدوس على حقوق وحريات الاخرين تحت شعار الحفاظ على الثوره ومنجزاتها ... وهنا اصبحت الثوره من المقدسات وحكامها كألانبياء والعياذ بالله ومنهم من يحاول أن يجعل نفسه بمثابة الرب والعياذ بالله .

بالعقل دعونا نسترجع تاريخ الثورات اليمنيه : أين اصابت وأين اخفقت ؟ وهل أصبحت الامه غير قادره على الحياه الا في ظل الثوره والى متى ستستمرالحياه مع الثوره ؟ واين تكمن الاختلافات بين مفاهيم الثوره ومفاهيم دولة النظام والقانون ؟ وهل يمكننا بعد نصف قرن من الثوره ان نفكر ونعمل لبناء دولة النظام والقانون؟ وهل اصبح من حق الامه ان تحلم بالتغيير السلس والأمن كي تتمكن من اللحاق بالامم الاخرى أم ان الاحلام في عهد الثوره ممنوعه ؟

 ومن حق الثوره علينا ان نقول لها شكراً جزيلاً ونجزل فيها الشكر والدعاء كلما انتقلنا نحو الامام وصدقونا لن يبخل عليها أحد من مكونات الامه ... وبحق السماء وبرب العباد دعونا نسترجع تاريخ الثورات اليمنيه ومن دون توتروتخوين وأقصاء ... دعونا نعتبر مهمتنا الرئيسيه في الوقت الراهن هي بناء دولة النظام والقانون عن طريق حوار وطني واسع وشامل وسيكون ذلك بمثابة رد اعتبار للثورات اليمنيه .