بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟
مأرب برس - خاص
على قناة فضائية كانت تبث فيلما وثائقيا عن اليمن ، ظل المعلق يكرر على مشهد اليمني وهو يشتري ويزاحم و يتعاطى القات قائلا : قات قات قات كل شيء في اليمن هو قات وكأن اليمني لا يعيش إلا لأجلها ثم أستدرك قائلا هذه ألنبته محرمة في كل دول العالم إلا في اليمن التي تستخدم مع الأكسجين ، ثم انتقلت الصورة إلى رجل مفترش أرضية دكانه وأحدى وجنتيه منتفخة من القات لدرجة التشقق ونصف جسده عاري بعد أن رفع متعمدا ردائه عنه فخذيه وهو يـقـول " إنشاء الله سنصلي في القدس " !! إذا أبشر بطول العمر يا مربع .
واليمني لم يعد يُعرف إلا بالقات حيثما ذهب أو حل وصورة تعاطيه لهذه الشجرة هي الصورة الوحيدة المنطبعة في أذهان الآخرين عنا ، كما أن هذه الشجرة وإضافة إلى لا حضارية منظر تعاطيها هي استنزاف حقيقي لكل ما يتعلق بالحياة بداية من الماء ووصولا إلى الضرر الاجتماعي والمادي والصحي ، كما أنها _ وهذه من المصائب _ غدت ضمن الإطار الثقافي الجمعي لمختلف الفئات الاجتماعية ، والكل في اليمن يختلف مع الكل ، إلا القات تظل محل انسجام بين الجميع وكأنها أحد المسلمات ألتي لا تستحق الكتابة عنها أو مناقشة ضررها من عدمه .
لذا لا يستغرب أحد حين نرى أكبر المنظرين للحداثة والمدنية يتعاطها أو طبيب أو مهندس أسوة بالمواطن العادي سواء كان مترف أو معدم ، لأنه لا علاقة بين ما ينادون به أو يعملون فيه وبين القات .
وعليه ومن غير المنطقي أن تتحدث عن ضرر هذه الشجرة أذا كان الكل لا يرى بها مشكلة ، أنك حين تطالب بإعادة النظر في تعاطيها ، كأنك تطلب منهم التخلي عن عضو من أعضاء أجسادهم دون أي سبب ، وهم أيضا لا يفهمون لماذا العالم يسخر من منظرهم والعشب الأخضر حولهم وفي أفواههم ، ولماذا السائح حين يأتي اليمن يصر على تصويرهم ، ثم أنهم لا يتوقعون إطلاقا ردة فعل أصدقاء وأقارب هذا السائح حين تعرض عليهم صورهم وهم بتلك الحالة !
اليمني يتعامل مع القات مثلما يتعامل مع رفضه المطلق للوقوف في أي طابور أو لقص شعره وتهذيب شاربيه أو الاعتناء بنظافته الشخصية ، أنه دوما يصر على أصالته في حالتها الأولى والقديمة والتي يعتبر أن مخالفتها بأي حالة من الأحوال هي أدوات دخيلة لتدمير قيمنا وعاداتنا ألتي نعتقد أنها قيم ثمينة وأن العالم كله ينظر ألينا بعين الحسود .
وبما أننا فعلا لا نملك البنية الأساسية للسياحة الآن ولن نملكها في القريب العاجل ، فلا بأس أن نجذب السائح الأوروبي ليدخل اليمن ويتجول في متحف أثري مسكون يمارس سليقته كما هي ، ثم يخرج هذا السائح مبهورا بما رآه وغير مصدق أنه هناك شعب تاريخي يتنفس حتى الساعة في هذا العالم .
ليس ثمة ما يبرر إطلاقا إصرارنا على الحفاظ على هذه الصورة السلبية حتى وأن كنا فقراء حتى النخاع ، بل أنها من بداهة الأمور على الإنسان العاقل أن يفهم بأن المال الذي سينفقه على القات يمكن ادخاره لتلبية أمورا أهم ، كتوفير الكراس المدرسي لطفله أو كمية أوفر من الغذاء حتى ينموا أبنائه أصحاء ، فالطفل اليمني الذي يبلغ من العمر أربعة عشر عاما يساوي بحجمه مع طفل آخر في العالم يبلغ التاسعة من عمره ، كما أن دراسة ميدانية مؤخرا أشارت بأنه ثلاثون في المائة من أطفال اليمن مصابون بالتقزم وقصر القامة والناتج عن سوء التغذية .
البعض قد يتصور بأن الوصول إلى تعريف المجتمع بضرر ما يتعاطاه يوميا من القات وبشكل مسرف يحتاج إلى شيء من العنف والمنع ألقسري مما قد يخلف مشاكل بين المستفيدين من هذه التجارة السوداء وبين النظام الحاكم الهش والذي تأكل القبائل أطرافه بكثرة البيانات والتهديد ، وكأن الأمر حين نتحدث عن منع هذه الشجرة كأننا نريد أن نفتح صنبور من الدماء ونغتسل به جمعيا ، وخاصة أن المنافحين عن هذه الشجرة أكثر مما نتصور ودائما ما تكون حججهم بأن القات حصانة الشعب اليمني من السقوط في المخدرات ، وكأننا شعب ولا بد أن يتعاطى شيء يغيبه حتى يستمر على قيد الحياة .
أقر بأن هذه الشجرة وكل تبعاتها ليست دخيلة البارحة حتى نتدارك منعها فورا ، إنها موجودة بيننا منذ قرون طويلة حتى أحاطت بها طقوس معينة تمارس كلما حان تناولها , وأصبح الكل متعايش معها من رئيس الدولة حتى أصغر فرد في الهرم الاجتماعي ، وعمليه التوعية الفكرية تحتاج إلى دراسات عميقة ولجان متفرغة تمتلك الأدوات اللازمة كالإعلام والمساجد والمدارس وتقيم علاقات متشابكة خاصة مع رجال الدين ، فاليمني بطبعة متدين ويثق كثيرا بما يقوله له أمام مسجده ، كما أن علينا أو على هذه اللجان المشكلة أن تركز وبشكل مكثف على الأطفال في المدارس وتوعيتهم بمدى ضرر هذه الشجرة على مستقبلهم وبلادهم وصحتهم ،وأن تقر برامج تلفزيونية تبث باستمرار لنصح المواطنين بضرورة الإقلاع عن هذه الشجرة وتبيان نتائجها السلبية ورأي الطب بها وتصنيفها في الأمم المتحدة كمادة مخدرة محرمة دوليا ، وأهم شيء إظهار كم أن هذه النبتة تستنزف من المياه لأجل ثمرة ليس بها أي فائدة .
ومع الوقت ستعود هذه الشجرة إلى وضعها الطبيعي كضرر يجب التخلص منه أو تقنين تعاطيه وحينها ستنعكس حياة الإنسان اليمني من جميع النواحي بداءً من مظهره ووصولا إلى حالته الصحية والاجتماعية .
فهل نملك العزيمة الكافية للبدء بمثل هذا العمل الوطني ، وقبلها هل نملك العدد الكافي من الأشخاص المؤمنين بضرورة التحرك الفعلي لمحاربة هذه الشجرة ؟