نصر الله يخطب في صعدة
بقلم/ مختار الرحبي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 16 يوماً
الإثنين 05 مارس - آذار 2012 09:40 ص

كانت مفاجأة لي حين شاهدت عبدا لملك الحوثي يخطب في المولد النبوي الشريف في صعدة، لكن كان السيد يبتعد عن الجماهير بمئات الأمتار، وكان الزجاج الواقي من الرصاص يحيط بالسيد من أربع جهات، لا أدري هل هي حالة الخوف والذعر عاشها السيد في تلكم اللحظات، أم هي تقليعات وموضة جديدة يريد أن تصاحبه في كل مرة يخطب فيها السيد.

أم أن السيد الذي يتتبع بعناية خطابات حسن نصر الله وأصبح يجيد تقليده بشكل واضح حتى في إشاراته بأصابع يده حين ينفعل، ويمكن ملاحظة ذلك بمجرد رؤية أحد الخطابات الحديثة لكن حكاية الزجاج الواقي من الرصاص تبدو فكرة مستوحاة من حسن نصر الله الذي يحرص أن يكون قريب من جماهيره التي تمجده، لكنه يبتعد عنهم ويشكك من وفائهم له ويخاف منهم لذلك يعمد إلى أن يتحدث من وراء زجاج، وكذلك يفعل عبدا لملك الحوثي فلم تكن هذه هي أول مرة يقلد فيها الحوثي نصر الله، ففي عيد الغدير الأخير تم نقل كلمته عبر شاشة كبيرة تم نصبها بين أنصاره في ضحيان ولا يدري أحد من أين يتكلم.

تذكرت لتوي الكلام الذي قيل لنا حين زرنا مدينة صعده بعد عيد الغدير بأيام قليلة أن مدينة صعده تنعم بالأمن والأمان دون غيرها، وأن نسبة الجريمة انخفض إلى أقل مستوى بل قل إن الجريمة اختفت وأن المدينة التي سقطت بيد مليشيات الحوثي تعيش في أزهى أيامها في الجانب الأمني، لكن لماذا لم ينعم السيد بهذا الأمن الذي وفره له أتباعه منذ أن سيطروا علي المدينة؟ حيث ظهر مرتين -بحسب معلوماتي- وهو بعيد عن أنصاره لا يقترب منهم، مع أن البعض قطع مسافات طويلة لكي يوفق برؤية السيد الذي يصر على أن يحذو حذو نصر الله ليس بخطاباته وبحركات يده فقط، بل حتى بأناشيده الجهادية التي توزع على مليشياته وأنصاره، وكذلك فلاشات ومقاطع الفيديو التي توزع في مكاتب صعدة الإسلامية، التي لا يوجد فيها ما يباع غير أناشيد المجاهدين وصور السادة الأب الروحي بدر الدين أمير الدين الحوثي والمؤسس حسين الحوثي والحاكم الآن السيد عبد الملك الحوثي، وأناشيدهم ومقاطع من الحروب السابقة لتكريس ثقافة الحرب وبث الكراهية التي هي أصل المذهب الحوثي الذي يدعو إلى الكراهية وإلى تقسيم الناس إلى سادة وعبيد.

كنت قد شاهدت أمثالها في قناة المنار التابعة لحزب الله، من أناشيد ولقطات لمسلحين يظهرون من بين الحشائش وكذلك تدريبات لمسلحي الحوثي، أيقنت حينها أن الحركة الحوثية امتداد لحزب الله الذي قال: نحن إيران في لبنان.

وهناك قضية أخري لمن في نفسه شك أن الحوثي يعمل ما يعمله حزب الله وينفذ نفس التوجيهات التي تأتي من إيران،كقضية الثورة السورية التي يدافع عنها حزب الله بل يقاتل مسلحو الحزب كشبيحة في حمص ودرعا وحماة وفي كل المناطق التي اندلعت فيها الثورة، كذلك تفعل إيران عبر الجيش الثوري الإيراني الذي يقاتل مع عصابات الأسد، وفي اليمن يقوم الحوثي بدور الشبيحة حيث يقوم بمهاجمة كل من يناصر الثورة السورية، بل يعتدي على من ينشط في دعم الثورة السورية، ففي معظم المهرجانات التي تقام مناصرة للثوار في سوريا يقوم شبيحة الحوثي باقتحامها وإثارة الفوضى فيها، حتى لا يتم دعم الثورة السورية التي تناضل في وجه قاتل سفاح يقتل يوميا عشرات الأحرار، ولا يستحي هؤلاء الشبيحة الذين لا يقلون حقارة وقذارة عن بشار الأسد وعصاباته وشبيحتة، هناك كثير من القضايا التي يتم التنسيق فيها مع حزب الله وعملاء إيران في المنطقة كشيعة البحرين والكويت وبعض الأقطار العربية التي يتواجد فيها عملاء لإيران.

لكن في المقابل تلقي الحوثيون صفعات قوية منذ بداية الثورة الشبابية في اليمن وحتى يوم 21فبراير، يوم إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة، التي دعوا فيها إلى مقاطعة الانتخابات، وحاول الحوثي إعاقة عمل اللجان في المناطق التي سقطت عسكريا بيده، وكذلك عبر دعم مليشيات من الحراك المسلح الانفصالي الذي تم دعمه بسلاح وعتاد عسكري، للقيام بعمليات عسكرية في الجنوب لعرقلة الانتخابات، لكن الانتخابات جرت دون أن يحدث ما خططوا له، وبذلك يكون الحوثي قد تلقى صفعة موجعة، وأظهر للجميع أنه ضد الثورة وضد الوطن وضد الوفاق الوطني، وضد أن يخرج اليمن بحل سلمي، وأثبت للجميع أنه ينفذ أجندة خارجية تريد التدخل في اليمن،ويريدوا إفشال حالة الوفاق بحجج واهية وكاذبة، فبينما كان الموطنين يدلون بأصواتهم في محافظة حجة، كان الحوثي يدك مناطق مستباء وكشر بالسلاح الثقيل ليربك عملية الانتخابات، لكن كل مخططاته سقطت، وأصبح الحوثي منبوذ من الجميع، ويمثل قوي متمردة على الإجماع الوطني، وكذلك على الثورة التي يحاربها في الجوف وحجة، بل ويحاربها في ساحة التغير بصنعاء، عبر إثارة المشاكل والبلابل والفتن ونشر مذهب طائفي يقوم على إقصاء الآخرين ويقوم بالاعتداء على كل مخالف له في الساحة وخارجها حيث سقط في آخر اعتداء على محافظة حجة أكثر من 93شهيد، بحسب بيان صادر عن مشايخ وأعيان في مديريات كشر وعاهم وما يزال الاعتداء حتى هذه اللحظة حيث لم يتدخل أحد، حتى حكومة الوفاق الوطني، وكأنها حكومة للعاصمة صنعاء فقط وما دونها ليس من اختصاصها، وكذلك رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي لم يحرك ساكنا رغم مناشدات النساء والأطفال والنازحين، الذين تركو منازلهم خوفاً من عدوان الحوثيين، إلى هذه اللحظة لم نسمع من رئيس الجمهورية شيء سوى دعوته للحوثيين بالدخول في العمل السياسي والحوار الوطني لكنه لم يطلب منهم وقف العدوان على حجة.

لماذا يتوسع الحوثيين في محافظات أخرى؟ ولماذا يستخدم الحوثيين قوة السلاح لنشر مذهبهم؟ لماذا لا يتم عرض المذهب بطريقة سلمية؟ ومن أرد الدخول فيه بحريته دون أكراه، وإذا كان الإسلام قد ترك أمر الدخول فيه لاختيار المرء وليس بالإكراه فلماذا تصر عصابات الحوثي أن تنشر مذهب السيد بقوة المدرعات والأسلحة الثقيلة؟ أين هي الدعوة إلى الدولة المدنية التي أرهقنا الحوثي وهو يتحدث عنها كذباً وبهتناً، ولا ينسى الحديث عنها في كل خطاب وفي كل تصريح صحفي أو تلفزيوني، لماذا يستهتر الحوثي بعقول اليمنيين وبعقول شباب الثورة فبينما يدعو إلى دولة مدنية يرجع كل صحفي يزور صعدة، بتقارير تلعن أبو المدنية والدولة الحديثة في صعدة، فبعد أن عدت من صعدة وبعد أن كتبت تقريراً، قلت فيه إن صعدة سقطت بيد عصابات ولا يوجد فيها أبسط شروط الدولة فما بالكم بدولة حديثة، تم اتهامي أني مرسل من قبل قائد الفرقة الأولى مدرع، ومن الإصلاح وآخرين قالوا أني مرسل من قبل السلفيين، لكن بعد أن قام بزيارة صعدة غيري من الصحفيين عادوا بأكثر مما عدت به فتقرير الصحفي محمد غزوان وكذلك جمال حسن ومنصور الجرادي، كلها تقارير تحدثت عن ما يجري في صعدة بشكل حيادي وحقيقي، فهل سيتم اتهام كل من يزور صعده بأنه إصلاحي ومرسل من اللواء علي محسن.

يريد الحوثيون أن تكون صعدة مغلقة على الإعلام، ولا يزورها غير قناة العالم والمنار والكوثر والأنوار وغيرها من القنوات والصحف التي تتلقي دعمها من إيران، أما إعلام حر ومستقل فستكون صعدة خطرة، وستمثل الزيارة خطر حقيقي على كل صحفي حر وشريف يرفض أن يكذب ويكون بوقاً للحوثيين.

أخر الأخبار تفيد أن الحوثيين يجهزون للفترة القادمة عشر صحف، منها صحيفة يومية إلى جانب الموجودة وكذلك أربع قنوات، منها قناة تتبع النائب في البرلمان آية الله سلطان السامعي تبث من بيروت، وقناة تبث من القاهرة ويتم تجهيز قنوات أخرى للدخول في مواجهات إعلامية، لأنهم كما قالوا خسروا معركة دماج التي كشفت عن جرائمهم القذرة التي ارتكبوها ضد مجموعة من الطلاب وأهالي المنطقة، لذلك هم الآن يستعدون لمعركة جديدة، ويجهزون آلة إعلامية كبيرة، تواكب مشاريع مستقبلية تستهدف اليمن بأكمله بتنسيق مع حزب الله وإيران، التي استقبلت مئات من شباب اليمن من كافة الفئات، وخلال الفترة الماضية أقيمت أكثر من اثنتا عشرة دورة، منها خاصة للصحفيين والإعلاميين وإعداد مذيعين تلفزيونيين ومعدي برامج وكذلك دورات متنوعة في الإعلام، وفي المقابل لا يوجد مشروع مقابل لهذ المشروع الذي أصبح يهدد اليمن.

لكن المحزن أن يتحول بعض السياسيين المعروفين بانتمائهم للحزب الاشتراكي والناصري، وبعض اليساريين المعروفين إلى ناطقين باسم الحوثي، ويتحدثون باسم غيرهم، ليتك يا جار الله عمر تعود لترى بعض ممن ينتسبون إلى حزبك كيف أصبحوا تحت إبط الحوثي وكيف أصبح أعضاء فيه يدعون إلى التفرقة والتشرذم بعد أن استطعت أن تهندس اللقاء المشترك يأتي من يدعون أنهم اشتراكيون ليقوموا بتدمير ما قمت به، لكن هناك أحرار في الحزب الاشتراكي يرفضون ما يجري من مهزلة تحت إطار الحزب، لكن لم نسمع أي إجراءات ضدهم وهم اليوم يتسابقون على الظهور في قناة العالم وبعض القنوات وبجوار اسمه يكتب كذباً وبهتناً (عضو في الحزب الاشتراكي اليمني ) فهل يستمر الاختراق الحوثي للأحزاب العريقة والكبيرة....